قال : فلبث بذلك زماناً، ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير والأجر، وقال له : لو كنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه في بيتها كان أعظم لأجرك ؛ قال : فلم يزل به حتى مشى إليها بطعامها فوضعه في بيتها، قال : فلبث بذلك زماناً ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير وحَضّه عليه، وقال : لو كنت تكلّمها وتحدّثها فتأنس بحديثك، فإنها قد استوحشت وحشةً شديدة.
قال : فلم يزل به حتى حدّثها زماناً يطلع عليها من فوق صومعته.
قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك فقال : لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدّثها وتقعد على باب بيتها فتحدّثك كان آنس لها.
فلم يزل به حتى أنزله وأجلسه على باب صومعته يحدّثها، وتخرج الجارية من بيتها، فلبثا زماناً يتحدثان، ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير والثواب فيما يصنع بها، وقال : لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريباً من باب بيتها كان آنس لها.
فلم يزل به حتى فعل.
قال : فلبثا زماناً، ثم جاءه إبليس فرغّبه في الخير وفيما له من حسن الثواب فيما يصنع بها، وقال له : لو دنوت من باب بيتها فحدّثتها ولم تخرج من بيتها، ففعل.
فكان ينزل من صومعته فيقعد على باب بيتها فيحدثها.
فلبثَا بذلك حيناً ثم جاءه إبليس فقال : لو دخلت البيت، معها تحدثها ولم تتركها تُبرز وجهها لأحد كان أحسن بك.
فلم يزل به حتى دخل البيت، فجعل يحدثها نهاره كله، فإذا أمسى صعد في صومعته.
قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك، فلم يزل يزيّنها له حتى ضرب العابد على فخذها وقَبّلها.
فلم يزل به إبليس يحسّنها في عينه ويسوّل له حتى وقع عليها فأحبلها، فولدت له غلاماً.
فجاءه إبليس فقال له : أرأيت أن جاء إخوة هذه الجارية وقد وَلدتْ منك! كيف تصنع! لا آمن عليك أن تفتضح أو يفضحوك! فاعمِد إلى ابنها فاذبحه وادفنه، فإنها ستكتم عليك مخافة إخواتها أن يطلعوا على ما صنعت بها، ففعل.


الصفحة التالية