﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ ﴾ أي من ديارِكُم قَسْراً واللام موطئةٌ للقسمِ. وقولُهُ تعالى :﴿ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ﴾ جوابُ القسمِ، أيْ والله لئِنْ أُخْرجتُم لنخرجنَّ معكم ألبتةَ ونذهبنَّ في صُحْبَتكم أينما ذهبتُم ﴿ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ ﴾ أيْ في شأنِكُمْ ﴿ أَحَدًا ﴾ يمنعنا منَ الخروجِ معكُم ﴿ أَبَدًا ﴾ وإنْ طالَ الزمانُ، وقيلَ لا نطيعُ في قتالِكُم أو خذلانِكُم وليسَ بذاكَ لأن تقديرَ القتالِ مترقبٌ بعد ولأن وعدَهُم لهم على ذلك التقديرِ ليسَ مجردَ عدمِ طاعتِهِم لمن يدعُوهُم إلى قتالهِم بل نصرتَهُم عليهِ كما ينطقُ به قولُهُ تعالى :﴿ وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ ﴾ أي لنعاونَنَّكُم على عدوِّكم على أن دعوتَهُم إلى خذلانِ اليهودِ مما لا يمكنُ صدورُهُ عن رسولِ الله ﷺ والمسلمينَ حتى يدَّعوا عدمَ طاعتِهِم فيها ضرورةَ أنَّها لو كانَتْ لكانَتْ عند استعدادِهِم لنصرتِهِم وإظهارِ كفرِهِم ولا ريبَ في أنَّ ما يفعله عليه الصلاةُ والسلامُ عند ذلكَ قتلَهُم لا دعوَتَهُم إلى تركِ نصرتِهِم، وأما الخروجُ معهم فليسَ بهذه المرتبةِ من إظهارِ الكفرِ لجوازِ أن يدَّعوا أن خروجَهُم معهم لما بينَهُم من الصداقةِ الدنيويةِ لا للموافقةِ في الدينِ ﴿ والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ في مواعيدِهِم المؤكدةِ بالأيمانِ الفاجرةِ. وقولُهُ تعالى :
﴿ لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ ﴾ الخ تكذيبٌ لهم في كلِّ واحدٍ من أقوالِهِم على التفصيلِ بعدَ تكذيبِهِم في الكُلِّ على الإجمالِ ﴿ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ ﴾ وكانَ الأمرُ كذلك فإنَّ ابْنَ أُبيّ وأصحابَهُ أرسلُوا إلى بَنِي النضيرِ ذلكَ سراً ثم أخلفُوهُم وفيه حجةٌ بينةٌ لصحةِ النبوة وإعجازِ القرآنِ.


الصفحة التالية
Icon