قولُه تعالى :﴿ كَمَثَلِ الشيطان ﴾ فإنَّه خبرٌ ثانٍ للمبتدأ المقدرِ مبينٌ لحالِهِم متضمنٌ لحالٍ أُخْرَى لليهودِ وهي اغترارُهم بمقالةِ المنافقينَ أولاً وخيبتُهُم آخِراً وقد أُجْمِلَ في النظمِ الكريمِ، حيثُ أُسنِدَ كلٌّ من الخبرينِ إلى المقدرِ المضافِ إلى ضميرِ الفريقينِ منْ غير تعيينِ ما أُسْنِدَ إليهِ بخصوصِهِ ثقةً بأنَّ السامعَ يردُّ كلاً من المثلينِ إلى ما يماثلُهُ كأنَّهُ قيلَ مثلُ اليهودِ في حلولِ العذابِ بهم كمثلِ الذينَ منْ قبلِهِم الخ. ومثلُ المنافقينَ في إغرائِهِم إيَّاهُم على القتالِ حسبما نُقِلَ عنهُم كمثلِ الشيطانِ ﴿ إِذْ قَالَ للإنسان اكفر ﴾ أيْ أغراهُ على الكفرِ إغراءِ الآمرِ المأمورَ على المأمورِ بهِ ﴿ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّى بَرِىء مّنكَ ﴾ وقُرِىءَ أنا بريءٌ منكَ. إنْ أريدَ بالإنسانِ الجنسُ فهذَا التبرؤُ منَ الشيطانِ يكونُ يومَ القيامةِ كما ينبىءُ عنْهُ قولُهُ تعالى ﴿ إِنّى أَخَافُ الله رَبَّ العالمين ﴾ وإنْ أُرِيدَ بهِ أبو جهلٍ، فقولُهُ تعالى :﴿ اكفر ﴾ عبارةٌ عنْ قولِ إبليسِ يومَ بدرٍ ﴿ لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنّي جَارٌ لَّكُمْ ﴾ وتبرؤه قولُه يومئذٍ ﴿ إِنّي بَرِىء مّنْكُمْ إِنّي أرى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنّي أَخَافُ الله ﴾ الآيةَ ﴿ فَكَانَ عاقبتهما ﴾ بالنصبِ على أنَّهُ خبرُ كانَ واسمُهَا ﴿ أَنَّهُمَا فِى النار ﴾ وقرىءَ بالعكسِ وقد مرَّ أنه أوضحُ ﴿ خالدين فِيهَا ﴾ وقُرِىءَ خالدانِ فيها عَلى أنه خبرُ أنَّ وفي النارِ لغوٌ ﴿ وَذَلِكَ جَزَاء الظالمين ﴾ أي الخلودُ في النارِ جزاءُ الظالمينَ على الإطلاقِ دونَ هؤلاءِ خاصَّة. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon