﴿ كَمَثَلِ الشيطان ﴾ جعله غير واحد خبر مبتدأ محذوف أيضاً أي مثلهم كمثل الشيطان على أن ضمير مثلهم ههنا للمنافقين وفيما تقدم لبني النضير، وقال بعضهم : ضمير مثلهم المقدر في الموضعين للفريقين، وجعله بعض المحققين خبراً ثانياً للمبتدأ المحذوف في قوله تعالى :﴿ كَمَثَلِ الذين ﴾ [ الحشر : ١٥ ] على أن الضمير هناك للفريقين إلا أن المثل الأول : يخص بني النضير، والثاني : يخص المنافقين، وأسند كل من الخبرين إلى ذلك المقدر المضاف إلى ضميرهما من غير تعيين ما أسند إليه بخصوصه ثقة بأن السامع يرد كلاً إلى ما يليق به ويماثله كأنه قيل : مثل أولئك الذين كفروا من أهل الكتاب في حلول العذاب بهم كمثل الذين من قبلهم ومثل المنافقين في إغرائهم إياهم على القتال حسبما نقل عنهم كمثل الشيطان ﴿ إِذْ قَالَ للإنسان اكفر ﴾ أي أغراه على الكفر إغراء الآمر للمأمور به فهو تمثيل واستعارة ﴿ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّى بَرِىء مّنكَ إِنّى أَخَافُ الله رَبَّ العالمين ﴾ تبرأ منه مخافة أن يشاركه في العذاب ولم ينفعه ذلك كما قال سبحانه :
﴿ فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِى النار خالدين فِيهَا ﴾ أبد الآبدين ﴿ وَذَلِكَ ﴾ أي الخلود في النار ﴿ مِنَ الظالمين ﴾ على الإطلاق دون المذكورين خاصة، والجمهور على أن المراد بالشيطان والإنسان الجنس فيكون التبري يوم القيامة وهو الأوفق بظاهر قوله :﴿ إِنّى أَخَافُ ﴾ [ الحشر : ١٦ ] الخ.


الصفحة التالية
Icon