وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ﴾
لما فرغ سبحانه من ذكر الطبقات الثلاث من المؤمنين، ذكر ما جرى بين المنافقين واليهود من المقاولة ؛ لتعجيب المؤمنين من حالهم، فقال :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين نافقوا ﴾ والخطاب لرسول الله، أو لكل من يصلح له، والذين نافقوا هم : عبد الله بن أبيّ، وأصحابه، وجملة ﴿ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب ﴾ مستأنفة ؛ لبيان المتعجب منه، والتعبير بالمضارع ؛ لاستحضار الصورة، أو للدلالة على الاستمرار، وجعلهم إخواناً لهم لكون الكفر قد جمعهم، وإن اختلف نوع كفرهم، فهم إخوان في الكفر، واللام في ﴿ لإخوانهم ﴾ هي لام التبليغ، وقيل : هو من قول بني النضير لبني قريظة، والأوّل أولى ؛ لأن بني النضير، وبني قريظة هم يهود، والمنافقون غيرهم، واللام في قوله :﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ ﴾ هي الموطئة للقسم، أي : والله لئن أخرجتم من دياركم ﴿ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ ﴾ هذا جواب القسم، أي : لنخرجن من ديارنا في صحبتكم ﴿ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ ﴾ أي : في شأنكم، ومن أجلكم ﴿ أَحَدًا ﴾ ممن يريد أن يمنعنا من الخروج معكم، وإن طال الزمان، وهو معنى قوله :﴿ أَبَدًا ﴾.
ثم لما وعدوهم بالخروج معهم، وعدوهم بالنصرة لهم، فقالوا :﴿ وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ لا ينصرونهم ﴾ على عدوّكم.
ثم كذبهم سبحانه فقال :﴿ والله يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لكاذبون ﴾ فيما وعدوهم به من الخروج معهم والنصرة لهم.


الصفحة التالية
Icon