﴿ كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ أي : مثلهم كمثل الذين من قبلهم، والمعنى : أن مثل المنافقين واليهود كمثل الذين من قبلهم من كفار المشركين ﴿ قَرِيبًا ﴾ يعني : في زمان قريب، وانتصاب ﴿ قريباً ﴾ على الظرفية أي : يشبهونهم في زمن قريب، وقيل : العامل فيه ﴿ ذاقوا ﴾، أي : ذاقوا في زمن قريب، ومعنى ﴿ ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ ﴾ أي : سوء عاقبة كفرهم في الدنيا بقتلهم يوم بدر، وكان ذلك قبل غزوة بني النضير بستة أشهر، قاله مجاهد، وغيره، وقيل : المراد بنو النضير حيث أمكن الله منهم، قاله قتادة.
وقيل : قتل بني قريظة، قاله الضحاك.
وقيل : هو عامّ في كل من انتقم الله منه بسبب كفره، والأوّل أولى ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي : في الآخرة.
ثم ضرب لليهود والمنافقين مثلاً آخر فقال :﴿ كَمَثَلِ الشيطان إِذْ قَالَ للإنسان اكفر ﴾ أي : مثلهم في تخاذلهم وعدم تناصرهم، فهو إما خبر مبتدأ محذوف، أو خبر آخر للمبتدأ المقدّر قبل قوله :﴿ كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ ﴾ على تقدير حذف حرف العطف، كما تقول : أنت عاقل، أنت عالم، أنت كريم.
وقيل : المثل الأوّل خاص باليهود، والثاني خاص بالمنافقين، وقيل : المثل الثاني بيان للمثل الأوّل، ثم بيّن سبحانه وجه الشبه فقال :﴿ إِذْ قَالَ للإنسان اكفر ﴾ أي : أغراه بالكفر، وزينه له، وحمله عليه، والمراد بالإنسان هنا : جنس من أطاع الشيطان من نوع الإنسان، وقيل : هو عابد كان في بني إسرائيل حمله الشيطان على الكفر، فأطاعه ﴿ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّى بَرِىء مّنكَ ﴾ أي : فلما كفر الإنسان مطاوعة للشيطان، وقبولاً لتزيينه قال الشيطان : إني برىء منك، وهذا يكون منه يوم القيامة، وجملة :﴿ إِنّى أَخَافُ الله رَبَّ العالمين ﴾ تعليل لبراءته من الإنسان بعد كفره، وقيل : المراد بالإنسان هنا : أبو جهل، والأوّل أولى.


الصفحة التالية
Icon