ولما كان المغلوب على الشيء فيؤخذ من يده قد لا ينقاد باطناً فلا يباشر ما غلب عليه للغالب وقد لا يكون العز ظاهراً لكل أحد، أردفه بقوله :﴿الجبار﴾ وهو العظيم الذي يفوت المقاوم مناله، فهو على هذا من أسماء الذات ويصلح أمور من يريد من الخلق ويقهرهم على ما يريد، فهم أحقر من أن يعصوه طرفة عين بغير إرادته، والجبر : طول يلجيء الأدنى لما يريد منه الأعلى ويغيب من الأعلى ما يحاول مناله منه الأدنى مع الظهور التام الذي تدور مادته عليه، فالجبار لا يخرج شيء من قبضته، وتقصر الأيدي عن حمى عز حصرته، ولا ينال منه إلا ما نوّل، وهو أبعد شيء عن أوصاف الخلق لمنال الذباب منهم منا شاء وعجزهم عنه، ولما فيه من الإلجاء كان هو الاسم الذي يجليء النار لقصرها على مراده منها من الحسب الذي جبلها على ضده من الاستزادة فلا تزال تقول ما جبلت عليه : هل من مزيد، حتى يضع الجبار فيها قدمه أي يهينها فإن القدم موضع الإهانة، وهذه الإهانة - هي من مبدأ ظهور غلبة الرحمة للغضب، فله الملك ظهوراً بالأيدي الظاهرة من الإنسان وما دونه، وله الملكوت بطوناً بالأيدي الباطنة من الملك وما دونه، ولو الجبروت اختصاصاً من وراء كل ملك وملكوت.