وقوله :﴿المؤمن﴾ فيه وجهان الأول : أنه الذي آمن أولياءه عذابه، يقال : آمنه يؤمنه فهو مؤمن والثاني : أنه المصدق، إما على معنى أنه يصدق أنبياءه بإظهار المعجزة لهم، أو لأجل أن أمة محمد ﷺ يشهدون لسائر الأنبياء، كما قال :﴿لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس﴾ [ البقرة : ١٤٣ ] ثم إن الله يصدقهم في تلك الشهادة، وقرىء بفتح الميم، يعني المؤمن به على حذف الجار كما حذف في قوله :﴿واختار موسى قَوْمَهُ﴾ [ الأعراف : ١٥٥ ].
وقوله :﴿المهيمن﴾ قالوا : معناه الشاهد الذي لا يغيب عنه شيء.
ثم في أصله قولان، قال الخليل وأبو عبيدة : هيمن يهيمن فهو مهيمن إذا كان رقيب على الشيء، وقال آخرون : مهيمن أصله مؤيمن، من آمن يؤمن، فيكون بمعنى المؤمن، وقد تقدم استقصاؤه عند قوله :﴿وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ [ المائدة : ٤٨ ] وقال ابن الأنباري : المهيمن القائم على خلقه برزقه وأنشد :
ألا إن خير الناس بعد نبيه.. مهيمنه التاليه في العرف والنكر
قال معناه : القائم على الناس بعده.
وما ﴿العزيز﴾ فهو إما الذي لا يوجد له نظير، وإما الغالب القاهر.
وأما ﴿الجبار﴾ ففيه وجوه أحدها : أنه فعال من جبر إذا أغنى الفقير، وأصلح الكسير.
قال الأزهري : وهو لعمري جابر كل كسير وفقير، وهو جابر دينه الذي ارتضاه، قال العجاج :
قد جبر الدين الإله فجبر.. والثاني : أن يكون الجبار من جبره على كذا إذا أكرهه على ما أراده، قال السدي : إنه الذي يقهر الناس ويجبرهم على ما أراده، قال الأزهري : هي لغة تميم، وكثير من الحجازيين يقولونها، وكان الشافعي يقول : جبره السلطان على كذا بغير ألف.


الصفحة التالية
Icon