فعامل كل طائفة من هذه الطوائف بما أمر به ربُّه - تبارك وتعالى - فصالح يهود المدينة، وكتب بينهم كتاب أمن، وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة : بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة.
فكانت بنو قينقاع أول من نقض ما بينهم وبين رسول الله ﷺ، وحاربوا فيما بين بدر وأحد، وحاصرهم صلى الله علبه وسلم، ثم أمرهم أن يخرجوا من المدينة، ولا يحاربوه بها. ثم نقض العهد بنو النضير ؛ وذلك أن رسول الله ﷺ خرج إليهم يستعينهم في دية قتيلين من بني عامر، وجلس رسول الله ﷺ إلى جنب جدار من بيوتهم، فتآمروا على قتله ﷺ، وأن يعلو رجل فيلقي صخرة عليه، فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم، وصعد ليلقي عليه صخرة، ونزل الوحي على رسول الله صلوات الله عليه بما أراد القوم < فقام ورجع بمن معه من أصحابه على المدينة، وأمر بالتهيؤ لحربهم >. ثم سار بالناس حتى نزل بهم فحاصرهم ست ليال، فتحصنوا منه في الحصون < فأمر رسول الله ﷺ بقطع النخيل وتحريقها >، ثم قذف الله في قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله ﷺ أن يُجْليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحْلقة، ففعل. فاحتملوا من أموالهم ما استقلّت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه، فيضعه على ظهر بعيره، فينطلق به. فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وخلوا الأموال لرسول الله ﷺ، فكانت له خاصة يضعها حيث شاء، فقسمها رسول الله ﷺ على المهاجرين الأولين دون الأنصار، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقراً، فأعطاهما رسول الله ﷺ، ولم يُسلم من بني النضير إلا رجلان : يامين بن عمير بن كعب، وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما فأحرزاها.