﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ ﴾ أي : مثل المنافقين في إغراء بني الضير على القتال، ووعدهم النجدة أو الخروج معهم، ومثل انخداع بني النضير بوعد أولئك الكاذب، كمثل الشيطان ﴿ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ ﴾ أي : إذ غر إنساناً ووعده على اتباعه وكفره بالله، النصرة عند الحاجة إليه ﴿ فَلَمَّا كَفَرَ ﴾ أي : بالله، واتبعه وأطاعه ﴿ قَالُ ﴾ أي : مخافة أن يشركه في عذابه، مسلماً له وخاذلاً ﴿ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُ ﴾ أي : فلا أعينك ﴿ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ أي : في نصرتك فلم ينفعه التبرؤ، كما لم ينفع الأول وعده الإعانة ﴿ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ ﴾ أي : في حق الله تعالى، وحق العباد. أي : وهكذا جزاء اليهود من بني النضير و المنافقين الذين وعدوهم النصرة. وكل كافر بالله ظالم لنفسه على كفره به إنهم في النار مخلدون.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [ ١٨ ]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ ﴾ أي : بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه.
قال المهايميّ : يعني أن مقتضى إيمانكم أن لا تأمنوا مكر الله، فاتقوه أن يسلط عليكم الشيطان ليغويكم بالكفر، ثم يتبرأ منكم.
﴿ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ أي : لما بعد الموت من الصالحات ﴿ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ أي : فيجازيكم بحسبها.
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [ ١٩ ]