وقال الشيخ سيد قطب :
سورة الحشر
﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) ﴾
بهذه الحقيقة التي وقعت وكانت في الوجود. حقيقة تسبيح كل شيء في السماوات وكل شيء في الأرض لله، واتجاهها إليه بالتنزيه والتمجيد.. تفتتح السورة التي تقص قصة إخراج الله للذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم، وإعطائها للمؤمنين به المسبحين بحمده الممجدين لأسمائه الحسنى.. (وهو العزيز الحكيم).. القوي القادر على نصر أوليائه وسحق أعدائه.. الحكيم في تدبيره وتقديره.
الدرس الثاني: ٢ - ٤ الدعوة للإعتبار مما حدث لبني النضير
ثم يقص نبأ الحادث الذي نزلت فيه السورة:
هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر. ما ظننتم أن يخرجوا، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ; فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، وقذف في قلوبهم الرعب، يخربون بيتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، فاعتبروا يا أولي الأبصار. ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب النار. ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله، ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب.
ومن هذه الآيات نعلم أن الله هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر. والله هو فاعل كل شيء. ولكن صيغة التعبير تقرر هذه الحقيقة في صورة مباشرة، توقع في الحس أن الله تولى هذا الإخراج من غير ستار لقدرته من فعل البشر ! وساق المخرجين للأرض التي منها يحشرون، فلم تعد لهم عودة إلى الأرض التي أخرجوا منها.
ويؤكد فعل الله المباشر في إخراجهم وسوقهم بالفقرة التالية في الآية:
(ما ظننتم أن يخرجوا، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله)..


الصفحة التالية
Icon