والله الخبير بحقيقتهم يقرر غير ما يقررون، ويؤكد غير ما يؤكدون: (والله يشهد إنهم لكاذبون. لئن أخرجوا لا يخرجون معهم، ولئن قوتلوا لا ينصرونهم، ولئن نصروهم ليولن الأدبار. ثم لا ينصرون)..
وكان ما شهد به الله. وكذب ما أعلنوه لإخوانهم وقرروه !
ثم يقرر حقيقة قائمة في نفوس المنافقين وإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب:(لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله. ذلك بأنهم قوم لا يفقهون).
فهم يرهبون المؤمنين أشد مما يرهبون الله. ولو خافوا الله ما خافوا أحدا من عباده. فإنما هو خوف واحد ورهبة واحدة. ولا يجتمع في قلب خوف من الله وخوف من شيء سواه. فالعزة لله جميعا، وكل قوى الكون خاضعة لأمره، (ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها)فمم يخاف إذن ذلك الذي يخاف الله ؟ ولكن الذين لا يفقهون هذه الحقيقة يخافون عباد الله أشد مما يخافون الله.. (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون)..
وهكذا يكشف عن حقيقة القوم الواقعة. ويقرر في الوقت ذاته تلك الحقيقة المجردة. ويمضي يقرر حالة قائمة في نفوس المنافقين والذين كفروا من أهل الكتاب، تنشأ من حقيقتهم السابقة، ورهبتهم للمؤمنين أشد من رهبتهم لله.
(لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر. بأسهم بينهم شديد. تحسبهم جميعا وقلوبهم
لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥)
شتى. ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)..


الصفحة التالية
Icon