وقيل : أجمعوا على الغدر برسول الله ﷺ، فقالوا له : اخرج في ثلاثين من أصحابك، ويخرج إليك ثلاثون منا ليسمعوا منك، فإن صدقوا آمناً كلنا، ففعل. فقالوا : كيف نفهم. ونحن ستون؟ أخرج في ثلاثة ويخرج إليك ثلاثة من علمائنا، ففعلوا فاشتملوا على الخناجر، وأرادوا الفتك فأرسلت امرأة منهم ناصحة إلى أخيها، وكان مسلماً فأخبرته بما أرادوا، فأسرع إلى الرسول ﷺ، فساره بخبرهم قبل أن يصل ﷺ إليهم، فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فقذف الله في قلوبهم الرعب، وأيسوا من نصر المنافقين الذي وعدهم به ابن أبي، فطلبوا الصلح فأبى عليهم صلى الله عليه سولم إلا الجلاء، على أن يحمل كل أهل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من المتاع إلا الحلقة، فكانوا يحملون كل ما استطاعوا ولو أبواب المنازل، يخربون بيوتهم ويحملون ما وقد أوردنا مجمل هذه القصة في سبب نزول هذه السورة لأن عليها تدور معاني هذه السورة كلها، وكما قال الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في رسالة أصول التفسير : إن معرفة السبب تعين على معرفة التفسير ( وليعلم المسلمون مدى ما جبل عليه اليهود من غدر وما سلكوا من أساليب المراوغة فما أشبه الليلة بالبارحة ).
والذي من منهج الشيخ رحمه الله في الأضواء قوله تعالى :﴿ هُوَ الذي أَخْرَجَ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب مِن دِيَارِهِمْ ﴾ حيث أسند إخراجهم إلى الله تعالى مع وجود حصار المسلمين إياهم.


الصفحة التالية
Icon