الذينَ نسُوا الله تعالَى فاستحقُّوا الخلودَ في النارِ. ﴿ وأصحاب الجنة ﴾ الذينَ اتَقوا الله فاستحقُّوا الخلودَ في الجنة، ولعلَّ تقديمَ أصحابِ النارِ في الذكرِ للإيذانِ من أولِ الأمرِ بأنَّ القصورَ الذي ينبىءُ عنه عدمُ الاستواءِ من جهتِهِم لا من جهةِ مقابلِيهِم فإن مفهومَ عدمِ الاستواءِ بين الشيئينِ المتفاوتينِ زيادةً ونقصاناً وإن جازَ اعتبارُهُ بحسبِ زيادةُ الزائدِ، لكنْ المتبادرُ اعتبارُهُ بحسبِ نقصانِ الناقصِ، وعليهِ قولُهُ تعالى :﴿ هَلْ يَسْتَوِى الأعمى والبصير أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظلمات والنور ﴾ إلى غيرِ ذكلَ منَ المواقعِ وأما قولُهُ تعالى ﴿ هَلْ يَسْتَوِى الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ فلعلَّ تقديمَ الفاضلِ فيهِ لأنَّ صلَتَهُ ملكةٌ لصلةِ المفضولِ والاعدامُ مسبوقةٌ بملكاتِهَا وَلاَ دلالةَ في الآيةِ الكريمةِ على أنَّ المسلمَ لا يقتصُّ بالكافرِ وأنَّ الكفارَ لا يملكونَ أموالَ المسلمينَ بالقهرِ لأنَّ المرادَ عدمُ الاستواءِ في الأحوالِ الأخرويةِ كما ينبىءُ عنه التعبيرُ عن الفريقينِ بصاحبيةِ النَّارِ وصاحبيةِ الجنَّةِ وكذا قولُهُ تعالى :﴿ أصحاب الجنة هُمُ الفائزون ﴾ فإنَّه استئنافٌ مبينٌ لكيفةِ عدمِ الاستواءِ بينَ الفريقينِ أي هُم الفائزونَ بكلِّ مطلوبٍ الناجونَ عنْ كلِّ مكروهٍ.


الصفحة التالية
Icon