﴿ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ﴾ [ المائدة : ٤٨ ] وجعله من ذاك أولى من جعله من الأمانة نظراً إلى أن الأمين على الشيء حافظ له إذ لا ينبىء عن المبالغة ولا عن شمول العلم والقدرة، وجعله في الصحاح اسم فاعل من آمنه الخوف على الأصل فأبدلت الهمزة الأصلية ياءاً كراهة اجتماع الهمزتين وقلبت الأولى هاءاً كما في هراق الماء، وقولهم في ﴿ إياك ﴾ [ الفاتحة : ٥ ] : هياك كأنه تعالى بحفظه المخلوقين صيرهم آمنين، وحرف الاستعلاء كمهيمناً عليه لتضمين معنى الاطلاع ونحوه، وأنت تعلم أن الاشتقاق على ما سمعت أولاً أدل والخروج عن القياس فيه أقل، وظاهر كلام الكشف أنه ليس من التصغير في شيء.
وقال المبرد : إنه مصغر، وخطىء في ذلك فإنه لا يجوز تصغير أسمائه عز وجل ﴿ العزيز ﴾ الغالب.
وقيل : الذي لا مثل له، وقيل : الذي يعذب من أراد، وقيل : الذي عليه ثواب العاملين، وقيل : الذي لا يحط عن منزلته، وقيل : غير ذلك ﴿ الجبار ﴾ الذي جبر خلقه على ما أراد وقسرهم عليه : ويقال في فعله : أجبر، وأمثلة المبالغة تصاغ من غير الثلاثي لكن بقلة، وقيل : إنه من جبره بمعنى أصلحه، ومنه جبرت العظم فانجبر فهو الذي جبر أحوال خلقه أي أصلحها، وقيل : هو المنيع الذي لا ينال يقال للنخلة إذا طالت وقصرت عنها الأيدي : جبارة، وقيل : هو الذي لا ينافس في فعله ولا يطالب بعلة ولا يحجر عليه في مقدوره.
وقال ابن عباس : هو العظيم، وقيل : غير ذلك ﴿ المتكبر ﴾ البليغ الكبرياء والعظمة لأنه سبحانه برىء من التكلف الذي تؤذن به الصيغة فيرجع إلى لازمه من أن الفعل الصادر عن تأنق أقوى وأبلغ، أو الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصاناً ﴿ سبحان الله عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ تنزيه لله تعالى عما يشركون به سبحانه، أو عن إشراكهم به عز وجل إثر تعداد صفاته تعالى التي لا يمكن أن يشارك سبحانه في شيء منها أصلاً.


الصفحة التالية
Icon