لبعض، وقد حقق اللّه لهم ذلك وأسلم كثير منهم، ثم رخص اللّه تعالى في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين بقوله عز قوله "لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ" بقصد صدكم عنه أو عدم القيام به والتحلي بشعائره ولا يخاصمونكم من أجله "وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ" قسرا فيجلوكم عنها "أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ" وتعاملوهم بالإحسان والعدل والإنصاف وتصلوهم بالسراء والضراء "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (٨) العادلين في ذلك الذين يقابلون المعروف بمثله وأحسن.
روى البخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي اللّه عنها قالت قدمت عليّ أمي (فتيلة بنت عبد العزى) وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول اللّه وحدتهم فاستفتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقلت يا رسول اللّه إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها ؟ قال نعم صليها، زاد في رواية فأنزل اللّه هذه الآية.
أنظر أيها القارئ إلى عظيم إيمان هذه المرأة إذ لم يمل قلبها إلى صلة أمها الكافرة ولا قبولها في بيتها إلا بعد إفتاء الرسول لها بذلك.
وقال ابن عباس نزلت في خزاعة إذ صالحوا حضرة الرسول على أن
لا يقاتلوه ولا يعينوا عليه، وقد ذكرنا غير مرة أن لا مشاحة في تعدد أسباب النزول وإن آية واحدة قد تكون لعدة حوادث، ثم ذكر اللّه الذين لا تجوز صلتهم ولا مقاربتهم وهم في ذلك الزمن أهل مكة.
فقال جل قوله "إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا" اليهود وغيرهم "عَلى إِخْراجِكُمْ" من المدينة واستئصالكم.


الصفحة التالية
Icon