و لا سلاح معك، فقال صلّى اللّه عليه وسلم إنا لم نأت لقتال وإن قريشا نهكتهم الحرب وقد جئنا معتمرين، فإن شاءوا ماددتهم مدة تترك فيها الحرب، وإلا فإن لم يفعلوا وأصروا على صدي فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على هذا حتى تنفرد سالفتي (السالفة صفحة العنق وكنى عنها بالموت) ولينفّذن اللّه أمره.
فرجع بديل إلى قومه وعرض عليهم ما قاله، فقال عمرو بن مسعود الثقفي قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، فقالوا له ائته وكلمه، فجاء عروة وقال يا محمد أرأيت إن استأصلت قومك فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أو أوقع المكروه في أصله قبلك ؟ ثم قال له إن المسلمين أصحابك ليسوا من قبيلة واحدة فلا رابطة بينهم ولا يؤمن فرارهم وعظم من قريش، فقال له أبو بكر رضي اللّه عنه امضض بظر اللات (البظر من المرأة كالقلقة من الرجل) فقال لو لا يدك عندي لأجبتك يا أبا بكر، وكان المغيرة بن شعبة مصلتا سيفه وعليه المغفر واقفا على رأس رسول اللّه، وكلما أهوى عروة بيده إلى لحية رسول اللّه يتودده بالكف والرجوع حقنا للدماء ضربها بنصل السيف، ويقول أخر يدك عن لحية رسول اللّه فقال له عروة أغدر، وإنما قال له هذه الكلمة لأنه صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم أسلم، فقال له صلّى اللّه عليه وسلم أقبل إسلامك، أما المال فلست منه في شيء، وصار عروة يرمق أصحاب رسول اللّه ورجع إلى قومه فقال أي قوم واللّه لقد وفدت على الملوك فما وجدت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم محمدا أصحاب محمد، وما هو يملك، واللّه ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل فيدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم، وما يحدون النظر إليه تعظيما له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، وإني رأيت قومه لا يسلمون بشيء أبدا، وما أراكم إلا


الصفحة التالية
Icon