وروى البخاري عن ابن عمر قال إن الناس كانوا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلم يوم الحديبة وتفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس يحدقون بالنبي صلّى اللّه عليه وسلم، فقال عمر يا عبد اللّه أنظر ما شأن الناس أحدقوا برسول اللّه ؟ فذهب فوجدهم يبايعون، فبايع، ثم رجع إلى عمر فخرج فبايع، وكان أول من بايع سفيان بن وهب من بني أسد، وهذا بالنسبة لما رأى فلا تنافي بين القول بأن أول من بايع سنان الأسدي، ولم يتخلف إلّا جدّ بن قيس من بني سلمة مختفيا بإبط ناقته.
ولما بلغ قريشا خبر هذه المبايعة خفضت من غلوائها وأمرت بإطلاق عثمان، وأرسلت سهيل ابن عمرو العامري، وحويطب بن عبد العزى لعقد معاهدة بينهم وبين محمد صلّى اللّه عليه وسلم، فلما رآهما ورأى عثمان جاء سالما قال لقومه لقد سهل اللّه لكم من أمركم.
وبعد المداولة معهما تم الصلح على وضع الحرب عشر سنين على الشروط المبينة في نص المعاهدة، وهي هذه (باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب سهيل ابن عمرو العامري، على أن تخلي قريش بيننا وبين البيت نطوف به من العام المقبل، وان من جاءنا منهم رددناه، وإن كان مسلما، ومن جاء قريشا ممن اتبعنا لا يرد إلينا) وان من دخل في عقد محمد وعهده دخل، ومن دخل في عقد قريش وعهدها دخل (أي بان يقر كل على ما هو عليه قبل هذه المعاهدة).
فانتقد المسلمون هذه المعاهدة لا سيما وإن سهيلا لم يرض أن يكتب المعاهدة كاتب النبي أوس بن خولة، ولا ان يكتب فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم لأنهم لا يعرفون هذه الجملة، ولا يذكر فيها أن محمدا رسول اللّه، لأنهم لو علموا أنه رسوله ما صدوه ولا حاربوه، وكان المتفق عليه عليا كرم اللّه وجهه فأبى أن يمحو اسم رسول اللّه، فقال صلّى اللّه عليه وسلم أرنيه، فأراه فمحاه بيده قاتلا أنا رسول اللّه وان كذبتموني، وهذا يدل دلالة كافية على أنه صلّى اللّه عليه وسلم لم يحسن