الصحة أولى، لأن مثلها كاملة لا تجابه رسول اللّه بمثل هذا الكلام، كما أن حضرة الرسول لا يعنف أحدا بعد إسلامه، فهذا وإن كان واقعا إلا أنه لا يدل على أن هذه الآية نزلت هناك، وإنما بايعهن بمقتضى هذه البيعة التي بايع عليها النساء في المدينة لأن اللّه تعالى لم ينزل بكل حادثة آية، فيكرر نزول الآيات بتكرار الحوادث بل آية واحدة لحوادث شتى وتطبيقها على ما يحدث بعد نزولها بتلاوتها من قبل النبي لا يعني أنها نزلت ثانيا وسبق أن بينا في سورة الفاتحة ج ١ عدم صحة نزول آية أو سورة مرتين، قال تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" من اليهود وغيرهم "قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ" وحرموا من ثوابها لتكذيبهم محمدا صلّى اللّه عليه وسلم مع علمهم بأنه مرسل من اللّه حقا لهم ولغيرهم "كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ" (١٣) الذين ماتوا على كفرهم من أن يرجعوا إليهم وأن يبعثوا ثانيا لأنهم ينكرون البعث، وقد ختم اللّه هذه السورة بالمعنى الذي بدأها به تشديدا للكفّ عن موالاة الكافرين والمنافقين لأنها تعود على المسلمين بالضرر، ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت هذه السورة في القرآن كله هذا، واللّه أعلم، واستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته أجمعين ومن تبعهم إلى يوم الدين آمين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٥ صـ ٤٩٩ ـ ٥١٤﴾


الصفحة التالية
Icon