وقوله تعالى :﴿ يخرجون ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿ كفروا ﴾ والمعنى : يخرجون الرسول ويخرجونكم، وهي حال موصوفة، فلذلك ساق الفعل مستقبلاً والإخراج قد مر، وتضييق الكفار على النبي ﷺ والمؤمنين إخراج إذ كان مؤدياً إلى الخروج، وقوله تعالى :﴿ إن تؤمنوا ﴾ مفعول من أجله أي اخرجوا لأجل أن آمنتم بربكم، وقوله تعالى :﴿ إن كنتم ﴾ شرط جوابه متقدم في معنى ما قبله، وجاز ذلك لما لم يظهر عمل الشرط، والتقدير :" إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي، فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء " و﴿ جهاداً ﴾ نصب على المصدر وكذلك ﴿ ابتغاء ﴾، ويجوز أن يكون ذلك مفعولاً من أجله، و" المرضاة " مصدر كالرضى، و﴿ تسرون ﴾ بدل من ﴿ تلقون ﴾، ويجوز أن تكون في موضع خبر ابتداء، كأنه قال أنتم ﴿ تسرون ﴾، ويصح أن تكون فعلاً مرسلاً ابتدئ به القول والإلقاء بالمودة معنى ما، والإسرار بها معنى زائد على الإلقاء، فيترجح بهذا أن ﴿ تسرون ﴾ فعل ابتدئ به القول أي تفعلون ذلك وأنا أعلم، وقوله تعالى :﴿ أعلم ﴾ يحتمل أن يكون أفعل، ويحتمل أن يكون فعلاً، لأنك تقول عملت بكذا فتدخل الباء وقوله تعالى :﴿ وأنا أعلم ﴾ الآية، جملة في موضع الحال، وقرأ أهل المدينة " وأنا " بإشباع الألف في الإدراج، وقرأ غيرهم " وأنا " بطرح الألف في الإدراج، والضمير في ﴿ يفعله ﴾ عائد على الاتخاذ المذكور، ويجوز أن تكون ﴿ سواء ﴾ مفعولاً ب ﴿ ضل ﴾ وذلك على بعد، وذلك على تعدي ﴿ ضل ﴾، ويجوز أن يكون ظرفاً على غير التعدي لأنه يجيء بالوجهين والأول أحسن في المعنى، والسواء الوسط وذلك لأنه تتساوى نسبته إلى أطراف الشيء والسبيل هنا شرع الله وطريق دينه.
إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢)


الصفحة التالية
Icon