ولما نزلت عادى المسلمون أقرباءهم من المشركين ؛ فعلم الله شدة وجد المسلمين في ذلك فنزلت :﴿ عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً ﴾ وهذا بأن يُسلم الكافر.
وقد أسلم قوم منهم بعد فتح مكة وخالطهم المسلمون ؛ كأبي سفيان بن حرب، والحارث بن هشام، وسُهيل بن عمرو، وحكيم بن حِزام.
وقيل : المودّة تزويج النبيّ ﷺ أمَّ حَبيبة بنت أبي سفيان ؛ فلانت عند ذلك عَرِيكة أبي سفيان، واسترخت شكيمته في العداوة.
قال ابن عباس : كانت المودّة بعد الفتح تزويج النبيّ ﷺ أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ؛ وكانت تحت عبد الله بن جَحْش، وكانت هي وزوجها من مهاجرة الحبشة.
فأمّا زوجها فتنصّر وسألها أن تتابعه على دينه فأبت وصبرت على دينها، ومات زوجها على النصرانية.
فبعث النبيّ ﷺ إلى النجاشي فخطبها ؛ فقال النجاشي لأصحابه : من أولاكم بها؟ قالوا : خالد بن سعيد بن العاص.
قال فزوِّجْها من نبيّكم.
ففعل ؛ وأمهرها النجاشي من عنده أربعمائة دينار.
وقيل : خطبها النبيّ ﷺ إلى عثمان بن عَفّان، فلما زوّجه إياها بعث إلى النجاشي فيها ؛ فساق عنه المهر وبعث بها إليه.
فقال أبو سفيان وهو مشرك لما بلغه تزويج النبيّ ﷺ ابنته : ذلك الفَحْلُ لا يُقْدَع أنْفُه.
"يقدع" بالدال غير المعجمة ؛ يقال : هذا فحل لا يقدع أنفه ؛ أي لا يضرب أنفه.
وذلك إذا كان كريماً. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾