اختلف الناس في هؤلاء الذين لم ينه عنهم أن يبروا من هم. فقال مجاهد : هم المؤمنون من أهل مكة الذين آمنوا ولم يهاجروا وكانوا لذلك في رتبة سوء لتركهم فرض الهجرة وقال آخرون : أراد المؤمنين التاركين للهجرة كانوا من أهل مكة ومن غيرها. وقال الحسن وأبو صالح : أراد خزاعة وبني الحارث بن كعب، وقبائل منا لعرب كفار إلا أنهم كانوا مظاهرين للنبي ﷺ محبين فيه وفي ظهوره، ومنهم كنانة وبنو الحارث بن عبد مناة ومزينة، وقال قوم : أراد من كفار قريش من لم يقاتل : ولا أخرج ولا أظهر سوءاً، وعلى هذين القولين فالآية منسوخة بالقتال، وقال عبد الله بن الزبير : أراد النساء والصبيان من الكفرة، وقال إن الآية نزلت بسبب أم أسماء حين استأذنت النبي ﷺ في برها وصلتها فأذن لها، وكانت المرأة خالتها فيما روي فسمتها في حديثها أماً، وقال أبو جعفر بن النحاس والثعلبي : أراد المستضعفين من المؤمنين الذين لم يستطيعوا الهجرة، وهذا قول ضعيف. وقال مرة الهمداني وعطية العوفي : نزلت في قوم من بني هاشم، منهم العباس، قال وقتادة نسختها ﴿ فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ﴾ [ التوبة : ٥ ]. وقوله تعالى :﴿ أن تبروهم ﴾ بدل، وهذا هو بدل الاشتمال، والإقساط : العدل، و﴿ ظاهروا ﴾ معناه : عاونوا، و" الذين قاتلوا في الدين وأخرجوا " هم مردة قريش وقوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ﴾ الآية نزلت إثر صلح الحديبية، وذلك أن الصلح تضمن أن يرد المؤمنون إلى الكفار كل من جاء مسلماً من رجل وامرأة فنقض الله تعالى من ذلك أمر النساء بهذه الآية، وحكم أن المهاجرة لا ترد إلى الكفار بل تبقى تستبرئ وتتزوج ويعطى زوجها الكافر الصداق الذي أنفق، وأمر أيضاً المؤمنين بطلب صداق من فرت امرأته من المؤمنين، وحكم تعالى بهذا في النازلة وسماهم مؤمنات قبل أن يتيقن ذلك إذ هو ظاهر أمرهن، و﴿ مهاجرات ﴾