وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾
ومناسبة هذه السورة لما قبلها : أنه لما ذكر فيما قبلها حالة المنافقين والكفار، افتتح هذه بالنهي عن موالاة الكفار والتودّد إليهم، وأضاف في قوله :﴿ عدوي ﴾ تغليظاً، لجرمهم وإعلاماً بحلول عقاب الله بهم.
والعدو ينطلق على الواحد وعلى الجمع، وأولياء مفعول ثان لتتخذوا.
﴿ تلقون ﴾ : بيان لموالاتهم، فلا موضع له من الإعراب، أو استئناف إخبار.
وقال الحوفي والزمخشري : حال من الضمير في ﴿ لا تتخذوا ﴾، أو صفة لأولياء، وهذا تقدّمه إليه الفراء، قال :﴿ تلقون إليهم بالمودة ﴾ من صلة ﴿ أولياء ﴾. انتهى.
وعندهم أن النكرة توصل، وعند البصريين لا توصل بل توصف، والحال والصفة قيد وهم قد نهوا عن اتخاذهم أولياء مطلقاً، والتقييد يدل على أنه يجوز أن يتخذوا أولياء إذا لم يكونوا في حال إلقاء المودة، أو إذا لم يكن الأولياء متصفين بهذا الوصف، وقد قال تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ﴾ فدل على أنه لا يقتصر على تلك الحال ولا ذلك الوصف.
والأولياء عبارة عن الإفضاء بالمودة، ومفعول ﴿ تلقون ﴾ محذوف، أي تلقون إليهم أخبار رسول الله ( ﷺ ) وأسراره.
والباء في ﴿ بالمودة ﴾ للسبب، أي بسبب المودة التي بينهم.
وقال الكوفيون : الباء زائدة، كما قيل : في :﴿ ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ﴾ : أي أيديكم.
قال الحوفي : وقال البصريون هي متعلقة بالمصدر الذي دل عليه الفعل، وكذلك قوله ﴿ بإلحاد بظلم ﴾ أي إرادته بإلحاد. انتهى.