وأجاز ابن عطية أن يكون مضارعاً عدى بالباء قال : لأنك تقول علمت بكذا.
﴿ وأنا أعلم ﴾ : جملة حالية، والضمير في ﴿ ومن يفعله منكم ﴾، الظاهر أنه إلى أقرب مذكور، أي ومن يفعل الأسرار.
وقال ابن عطية : يعود على الاتخاذ، وانتصب سواء على المفعول به على تقدير تعدى ضل، أو على الظرف على تقدير اللزوم، والسواء : الوسط.
ولما نهى المؤمنين عن اتخاذ الكفار أولياء، وشرح ما به الولاية من الإلقاء بالمودة بينهم، وذكر ما صنع الكفار بهم أولاً من إخراج الرسول ( ﷺ ) والمؤمنين، ذكر صنيعهم آخراً لو قدروا عليه من أنه إن تمكنوا منكم تظهر عداوتهم لكم، ويبسطوا أيديهم بالقتل والتعذيب، وألسنتهم بالسب ؛ وودوا لو ارتددتم عن دينكم الذي هو أحب الأشياء إليكم، وهو سبب إخراجهم إياكم.
قال الزمخشري : فإن قلت : كيف أورد جواب الشرط مضارعاً مثله، ثم قال ﴿ وودوا ﴾ بلفظ الماضي؟ قلت : الماضي، وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب، فإنه فيه نكتة كأنه قيل : وودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم، يعني أنهم يريدون أن يلحقوا بكم مضار الدنيا والدين جميعاً. انتهى.
وكأن الزمخشري فهم من قوله :﴿ وودوا ﴾ أنه معطوف على جواب الشرط، فجعل ذلك سؤالاً وجواباً.
والذي يظهر أن قوله :﴿ وودوا ﴾ ليس على جواب الشرط، لأن ودادتهم كفرهم ليست مترتبة على الظفر بهم والتسلط عليهم، بل هم وادون كفرهم على كل حال، سواء أظفروا بهم أم لم يظفروا، وإنما هو معطوف على جملة الشرط والجزاء، أخبر تعالى بخبرين : أحدهما اتضاح عداوتهم والبسط إليهم ما ذكر على تقدير الظفر بهم، والآخر ودادتهم كفرهم، لا على تقدير الظفر بهم.


الصفحة التالية
Icon