ولما كان هذا حكماً عدلاً لا يفعله مع عدوه ووليه إلا حكيم، قال مشيراً إلى مدحه ترغيباً فيه بميم الجمع إلى العموم :﴿ذلكم﴾ أي الحكم الذي ذكر في هذه الآيات البعيدة بعلو الرتبة عن كل سفه ﴿حكم الله﴾ أي الملك الذي له صفات الكمال، فلا ينبغي لشائبة نقص أن يلحقه.
ولما كان هذا مما يفرح به ويغنم عند تقدير فواته، قال مستأنفاً مبشراً بإدامة تجديد أمثاله لهم :﴿يحكم﴾ أي الله أو حكمه على سبيل المبالغة، ودل على استغراق الحكم لجميع ما يعرض بين العباد وأنه سبحانه لم يهمل شيئاً منه بإعراء الجار من قوله :﴿بينكم﴾ أي في هذا الوقت وفي غيره على هذا المنهاج البديع، وذلك لأجل الهدنة التي وقعت بين النبي ـ ﷺ ـ وبينهم، وأما قبل الحديبية فكان النبي ـ ﷺ ـ يمسك النساء ولا يرد الصداق.
ولما كان التقدير : فالله حكم عدل، قال :﴿والله﴾ أي الذي له الإحاطة التامة ﴿عليم﴾ أي بالغ العلم لا يخفى عليه شيء ﴿حكيم﴾ أي فهو لتمام علمه يحكم كل أموره غاية الإحكام فلا يستطيع أحد نقض شيء منها.