وقال المهدويّ : وروى ابن وهب عن خالد أن هذه الآية نزلت في أُمَيْمَة بنت بشر من بني عمرو بن عوف.
وهي امرأة حسّان بن الدَّحدَاح، وتزوّجها بعد هجرتها سَهل بن حُنيف.
وقال مقاتل : إنها سعيدة زوجة صَيْفيِ بن الراهب مشرك من أهل مكة.
والأكثر من أهل العلم أنها أم كلثوم بنت عُقبة.
الثانية : واختلف أهل العلم هل دخل النساء في عقد المهادنة لفظاً أو عموماً ؛ فقالت طائفة منهم : قد كان شرط ردّهن في عقد المهادنة لفظاً صريحاً فنسخ الله ردّهن من العقد ومنع منه، وبَقّاه في الرجال على ما كان.
وهذا يدل على أن للنبيّ ﷺ أن يجتهد رأيه في الأحكام، ولكن لا يقرّه الله على خطأ.
وقالت طائفة من أهل العلم : لم يشترط ردّهن في العقد لفظاً، وإنما أطلق العقد في ردّ من أسلم ؛ فكان ظاهر العموم اشتماله عليهن مع الرجال.
فبيّن الله تعالى خروجهنّ عن عمومه.
وفرّق بينهنّ وبين الرجال لأمرين : أحدهما أنهنّ ذوات فروج يحرمن عليهم.
الثاني أنهنّ أرقّ قلوباً وأسرع تقلّباً منهم.
فأما المقيمة منهنّ على شركها فمردودة عليهم.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ فامتحنوهن ﴾ قيل : إنه كان من أرادت منهنّ إضرار زوجها فقالت : سأهاجر إلى محمد ﷺ ؛ فلذلك أمر ﷺ بامتحانهنّ.
واختلف فيما كان يمتحنهنّ به على ثلاثة أقوال :
الأوّل : قال ابن عباس : كانت الْمِحنَة أن تُستحلف بالله أنها ما خرجت من بغض زوجها، ولا رغبةً من أرض إلى أرض، ولا التماس دنيا، ولا عشقاً لرجل منَّا ؛ بل حُبّاً لله ولرسوله.
فإذا حلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك، أعطى النبيّ ﷺ زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردّها ؛ فذلك قوله تعالى :﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾.