﴿ عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم مّنْهُم ﴾ أي منْ أقاربكم المشركينَ ﴿ مَّوَدَّةَ ﴾ بأنْ يوافقوكُم في الدين وعدهم الله تعالى بذلكَ لِما رأى منهم من التصلبِ في الدينِ والتشددِ لله في معاداةِ آبائِهِم وأبنائِهِم وسائِرِ أقربائِهِم ومقاطعَتِهِم إيَّاهُم بالكليةِ تطييباً لقلوبِهِم ولقد أنجزَ وعدَهُ الكريمَ حينَ أتاحَ لهم الفتحَ فأسلمَ قومُهُمْ فتمَّ بينَهُم من التحابِّ والتَّصافِي ما تمَّ ﴿ والله قَدِيرٌ ﴾ أي مبالغٌ في القُدرةِ فيقدرُ على تقليبِ القلوبِ وتغييرِ الأحوالِ وتسهيلِ أسبابِ المودَّةِ ﴿ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ فيغفرُ لمن أسلمَ منَ المشركينَ ويرحمُهُم وقيلَ غفورٌ لما فرطَ منكُم في موالاتِهِم مِن قبلُ ولِمَا بقِيَ في قلوبِكُم من ميلِ الرحمِ. ﴿ لاَّ ينهاكم الله عَنِ الذين لَمْ يقاتلوكم فِى الدين وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دياركم ﴾ أي لا ينهاكُم عن البرِّ بهؤلاءِ فإنَّ قولَهُ تعالى :﴿ أَن تَبَرُّوهُمْ ﴾ بدلٌ من الموصولِ ﴿ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ ﴾ أي تُفضلوا إليهم بالقسطِ أي العدلِ ﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ المقسطين ﴾ أي العادلينَ. رُويَ أنَّ قُتيلةَ بنتَ عبدِ العُزَّى قدمتْ مشركةً على بنتِهَا أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضيَ الله عنهُ بهدايَا فلم تقبلْها ولم تأذنْ لَها بالدخولِ فنزلتْ فأمرَها رسولُ الله ﷺ أنْ تُدخلَها وتقبلَ منْهَا وتُكرمَها وتُحسنَ إليها وقيلَ المرادُ بهم خزاعةُ وكانوا صالحُوا رسولَ الله ﷺ على ألا يقاتلُوه ولا يعينوا عليهِ ﴿ إِنَّمَا ينهاكم الله عَنِ الذين قاتلوكم فِى الدين وَأَخْرَجُوكُم مّن دياركم ﴾ وهم عتاةُ أهلِ مكةَ ﴿ وظاهروا على إخراجكم ﴾ وهم سائرُ أهلِها ﴿ أَن تَوَلَّوْهُمْ ﴾ بدلُ اشتمالٍ من الموصولِ أي إنما ينهاكُم عن أنْ تتولَّوهُم ﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظالمون ﴾ لوضعهم