بيانٌ لحكمِ من يُظهرُ الإيمانَ بعدَ بيانِ حُكم فريقي الكافرينِ ﴿ إِذَا جَاءكُمُ المؤمنات مهاجرات ﴾ من بينِ الكفارِ ﴿ فامتحنوهن ﴾ فاختبروهُنَّ بما يغلبُ على ظَنِّكم موافقة قلوبهنَّ للسانِهنَّ في الإيمانِ. يُروى أنَّ رسولِ الله ﷺ كانَ يقولُ للتي يمتحنُهَا بالله الذي لا إلَه إلا هُو ما خرجتِ من بغضِ زوجٍ بالله ما خرجتِ رغبةً عن أرضٍ إلى أرضٍ بالله ما خرجتِ التماسَ دُنيا بالله ما خرجتِ إلا حباً لله ورسولِه ﴿ الله أَعْلَمُ بإيمانهن ﴾ لأنَّه المطلعُ على ما في قلوبهنَّ والجملةُ اعتراضٌ ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ ﴾ بعدَ الامتحانِ ﴿ مؤمنات ﴾ علماً يمكنكم تحصيلُه وتبلغُه طاقتُكم بعد اللَّتيا وَالتى من الاستدلال بالعلائمِ والدلائلِ والاستشهادِ بالأماراتِ والمخايلِ وهو الظنُّ الغالبُ، وتسميتُه علماً للإيذانِ بأنه جارٍ مجرى العلمِ في وجوبِ العملِ به ﴿ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكفار ﴾ أي إلى أزواجِهِنَّ الكفرةِ لقولهِ تعالى :﴿ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ فإنَّه تعليلٌ للنهي عن رجعهنَّ إليهمِ، والتكريرُ إما لتأكيدِ الحرمةِ أو لأنَّ الأولَ لبيانِ زوالِ النكاحِ الأولِ والثانيَ لبيانِ امتناعِ النِّكاحِ الجديدِ ﴿ وَأَتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ ﴾ أي وأعطُوا أزواجهنَّ مثلَ ما دفعُوا إليهنَّ من المهورِ وذلكَ أنَّ صلحَ الحديبيةِ كانَ على أنَّ من جاءَنا منكُم رددناهُ فجاءتْ سُبيعةُ بنتُ الحارثِ الأسلمية مسلمة والنبي عليه الصلاة والسلام بالحديبية فأقبل زوجها مسافرٌ المخزوميُّ وقيلَ صيفيُّ بنُ الراهبِ فقال يا محمدُ ارددْ عليَّ امرأتِي فإنكَ قد شرطتَ أن تردَّ علينا من أتاكَ منا فنزلتْ لبيانِ أن الشرطَ إنما كانَ في الرجالِ دُونَ النساءِ فاستحلفَها رسولُ الله ﷺ فحلفتْ فأَعطى زوجَها ما أنفقَ وتزوجَها عمرُ رضيَ الله عنهُ.