وغيرهما عن قتادة أنه نسخ هذا العهد وهذا الحكم يعني إيتاء الأزواج ما أنفقوا براءة، أما نسخ العهد فلما أمر فيها من النبذ، وأما نسخ الحكم فلأن الحكم فرع العهد فإذا نسخ نسخ، والذي عليه معظم الشافعية أن الغرامة لأزواجهن غير ثابتة، وبين ذلك في "الكشف" على القول بنسخ رد المرأة، والقول بالتخصيص، والقول : بأن التعميم كان عن اجتهاد لم يقر عليه ﷺ، ثم قال : وأما على قول الضحاك أي السابق فهو مشكل، ووجهه أنه حكم في مخصوصين فلا يعم غير تلك الوقعة على أنه عز وجل خص الحكم بالمهاجرين ولم يبق بعد الفتح هجرة كما ثبت في الصحيح فلا يبقى الحكم ﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ ﴾ أي في نكاحهن حيث حال إسلامهن بينهن وبين أزواجهن الكفار ﴿ إِذَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ أي وقت إيتائكم إياهن مهورهن فإذا لمجرد الظرفية، ويجوز كونها شرطية وجوابها مقدر بدليل ما قبل، وعلى التقديرين يفهم اشتراط إيتاء المهور في نفي الجناح في نكاحهن، وليس المراد بإيتاء الأجور إعطاءها بالفعل بل التزامها والتعهد بها، وظاهر هذا مع ما تقدم من قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين ءامَنُواْ ﴾ أن هناك إيتاء إلى الأزواج وإيتاء إليهن فلا يقوم ما أوتي إلى الأزواج مقام مهورهن بل لا بد مع ذلك من إصداقهن، وقيل : لا يخلو إما أن يراد بالأجور ما كان يدفع إليهن ليدفعنه إلى أزواجهن فيشترط في إباحة تزويجهن تقديم أدائه، وإما أن يراد أن ذلك إذا دفع إليهن على سبيل القرض ثم تزوجن على ذلك لم يكن به بأس، وإما أن يبين إليهم أن ما أعطي لأزواجهن لا يقوم مقام المهر، وهذا ما ذكرناه أولاً من الظاهر وهو الأصح في الحكم، والوجهان الآخران ضعيفان فقهاً ولفظاً.
واحتج أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه بالآية على أن أحد الزوجين إذا خرج من دار الحرب مسلماً أو بذمة وبقي الآخر حربياً وقعت الفرقة.


الصفحة التالية
Icon