في الآية مباحث الأول : اتخاذ العدو ولياً كيف يمكن، وقد كانت العداوة منافية للمحبة والمودة، والمحبة المودة من لوازم ذلك الاتخاذ، نقول : لا يبعد أن تكون العداوة بالنسبة إلى أمر، والمحبة والمودة بالنسبة إلى أمر آخر، ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿إِنَّ مِنْ أزواجكم وأولادكم عَدُوّاً لَّكُمْ﴾ [ التغابن : ١٤ ] والنبي ﷺ قال :" أولادنا أكبادنا " الثاني : لما قال :﴿عَدُوّى﴾ فلم لم يكتف به حتى قال :﴿وَعَدُوَّكُمْ﴾ لأن عدو الله إنما هو عدو المؤمنين ؟ نقول : الأمر لازم من هذا التلازم، وإنما لا يلزم من كونه عدواً للمؤمنين أن يكون عدواً لله، كما قال :﴿إِنَّ مِنْ أزواجكم وأولادكم عَدُوّاً لَّكُمْ﴾، الثالث : لم قال :﴿عَدُوّي وَعَدُوَّكُمْ﴾ ولم يقل بالعكس ؟ فنقول : العداوة بين المؤمن والكافر بسبب محبة الله تعالى ومحبة رسوله، فتكون محبة العبد من أهل الإيمان لحضرة الله تعالى لعلة، ومحبة حضرة الله تعالى للعبد لا لعلة، لما أنه غني على الإطلاق، فلا حاجة به إلى الغير أصلاً، والذي لا لعلة مقدم على الذي لعلة، ولأن الشيء إذا كان له نسبة إلى الطرفين، فالطرف الأعلى مقدم على الطرف الأدنى، الرابع : قال :﴿أَوْلِيَاء﴾ ولم يقل : ولياً، والعدو والولي بلفظ، فنقول : كما أن المعرف بحرف التعريف يتناول كل فرد، فكذلك المعرف بالإضافة الخامس : منهم من قال : الباء زائدة، وقد مر أن الزيادة في القرآن لا تمكن، والباء مشتملة على الفائدة، فلا تكون زائدة في الحقيقة.
ثم قال تعالى :﴿وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ﴾.


الصفحة التالية
Icon