فصل
قال الفخر :
ثم أعاد ذكر الأسوة تأكيداً للكلام، فقال :﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ أي في إبراهيم والذين معه، وهذا هو الحث عن الائتساء بإبراهيم وقومه، قال ابن عباس : كانوا يبغضون من خالف الله ويحبون من أحب الله، وقوله تعالى :﴿لّمَن كَانَ يَرْجُو الله﴾ بدل من قوله :﴿لَكُمْ﴾ وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله ويخاف عذاب الآخرة، ﴿وَمَن يَتَوَلَّ﴾ أي يعرض عن الائتساء بهم ويميل إلى مودة الكفار ﴿فَإِنَّ الله هُوَ الغنى﴾ عن مخالفة أعدائه ﴿الحميد﴾ إلى أوليائه.
أما قوله :﴿عَسَى الله﴾ فقال مقاتل : لما أمر الله تعالى المؤمنين بعداوة الكفار شددوا في عداوة آبائهم وأبنائهم وجميع أقاربهم والبراءة منهم فأنزل الله تعالى قوله :﴿عَسَى الله أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الذين عَادَيْتُم مّنْهُم﴾ أي من كفار مكة ﴿مَّوَدَّةَ﴾ وذلك بميلهم إلى الإسلام ومخالطتهم مع أهل الإسلام ومناكحتهم إياهم.