أما قوله تعالى :﴿فِي القتلى﴾ أي بسبب قتل القتلى، لأن كلمة ﴿فِى﴾ قد تستعمل للسببية كقوله عليه السلام :" في النفس المؤمنة مائة من الإبل " إذا عرفت هذا فصار تقدير الآية : يا أيها الذين آمنوا وجب عليكم القصاص بسبب قتل القتلى، فدل ظاهر الآية على وجوب القصاص على جميع المؤمنين بسبب قتل جميع القتلى، إلا أنهم أجمعوا على أن غير القاتل خارج من هذا العموم وأما القاتل فقد دخله التخصيص أيضاً في صور كثيرة، وهي إذا قتل الوالد ولده، والسيد عبده وفيما إذا قتل المسلم حربياً أو معاهداً، وفيما إذا قتل مسلم خطأ إلا أن العام الذي دخله التخصيص يبقى حجة فيما عداه.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٤١﴾
كلام نفيس للخازن فى هذه الآية :
القصاص المساواة والمماثلة في القتل والدية والجراح من قص الأثر إذا اتبعه فالمفعول به يتبع ما فعل فيفعل به مثل ذلك، فلو قتل رجل رجلاً بعصا أو خنقه أو شدخ رأسه بحجر فمات فيقتل بمثل الذي قتل به وهو قول مالك والشافعي وأحدى الروايتين عن أحمد وقيل يقتل بالسيف وهو قول أبي حنيفة والرواية الثانية عن أحمد ﴿الحر بالحر والعبد وبالعبد والأنثى بالأنثى﴾ ومعناه أنه إذا تكافأ الدمان من الأحرار المسلمين أو العبيد من المسلمين أو الأحرار من المعاهدين أو العبيد منهم فيقتل كل صنف إذ قتل بمثله الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى وبالذكر ولا يقتل مؤمن بكافر ولا حر بعبد ولا والد بولد ويقتل الذمي بالمسلم والعبد بالحر والولد بالوالد هذا مذهب مالك والشافعي وأحمد ويدل عليه ما روى البخاري في صحيحه عن أبي جحيفة قال : سألت علياً هل عندكم من النبي ﷺ شيء سوى القرآن قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلاّ أن يؤتى الله عبداً فهماً في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت : وما في هذه الصحيفة قال : العقل وفك الأسير وأن لا يقتل مؤمن بكافر، وقد أخرج مسلم عن علي نحو هذا من غير رواية أبي جحيفة.


الصفحة التالية
Icon