وجملة ﴿الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى﴾ بيان وتفصيل لجملة ﴿كُتبَ عليكم القصاص في القتلى﴾ فالباء في قوله :﴿بالحر﴾ وما بعده، متعلقة بمحذوف دل عليه معنى القصاص والتقدير الحر يقتصُّ أو يقتل بالحر الخ ومفهوم القيد مع ما في الحر والعبد والأنثى من معنى الوصفية يقتضي أن الحر يقتل بالحر لا بغيره والعبد يقتل بالعبد لا بغيره، والأنثى تقتل بالأنثى لا بغيرها.
وقد اتفق علماء الإسلام على أن هذا المفهوم غير معمول به باطراد، لكنهم اختلفوا في المقدار المعمول به منه بحسب اختلاف الأدلة الثابتة من الكتاب والسنة وفي المراد من هذه الآية ومحمل معناها، ففي " الموطأ" " قال مالك أحسن ما سمعت في هذه الآية أن قوله تعالى :﴿الحر بالحر والعبد بالعبد﴾ فهؤلاء الذكور وقوله :﴿والأنثى بالأنثى﴾ أن القصاص يكون بين الإناث كما يكون بين الذكور والمرأة الحرة تقتل بالمرأة الحرة كما يقتل الحر بالحر والأمة تقتل بالأمة كما يقتل العبد بالعبد والقصاص يكون بين النساء كما يكون يبن الرجال. والقصاص أيضاً يكون بين الرجال والنساء". أي وخُصَّت الأنثى بالذكر مع أنها مشمولة لعموم الحر بالحر والعبد لئلا يتوهم أن صيغة التذكير في قوله :﴿الحر﴾ وقوله :﴿العبد﴾ مراد بها خصوص الذكور.
قال القرطبي عن طائفة أن الآية جاءت مبينة لحكم النوع إذا قتل نوعه فبيّنت حكم الحر إذا قتل حراً والعبد إذا قتل عبداً والأنثى إذا قتلت أنثى ولم يتعرض لأحد النوعين إذا قتل الآخر، فالآية محكمة وفيها إجمال يبيّنه قوله تعالى :﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس﴾ [المائدة : ٤٥] الآية اه. وعلى هذا الوجه فالتقييد لبيان عدم التفاضل في أفراد النوع، ولا مفهوم له فيما عدا ذلك من تفاضل الأنواع إثباتاً ولا نفياً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ١٣٥ ـ ١٣٨﴾


الصفحة التالية
Icon