اتفقوا على أن هذا القاتل إذا لم يتب وأصر على ترك التوبة ؛ فإن القصاص مشروع في حقه عقوبة من الله تعالى وأما إذا كان تائباً فقد اتفقوا على أنه لا يجوز أن يكون عقوبة وذلك لأن الدلائل دلت على أن التوبة مقبولة قال تعالى :﴿وَهُوَ الذى يَقْبَلُ التوبة عَنْ عباده ويعفو عن السيآت﴾ [الشورى : ٢٥] وإذا صارت التوبة مقبولة امتنع أن يبقى التائب مستحقاً لعقاب، ولأنه عليه السلام قال :" التوبة تمحو الحوبة " فثبت أن شرع القصاص في حق التائب لا يمكن أن يكون عقوبة ثم عند هذا اختلفوا فقال أصحابنا : يفعل الله ما يشاء ولا اعتراض عليه في شيء وقالت المعتزلة إنما شرع ليكون لطفاً به ثم سألوا أنفسهم فقالوا : إنه لا تكلف بعد القتل فكيف يكون هذا القتل لطفاً به ؟ وأجابوا عنه بأن هذا القتل فيه منفعة لولي المقتول من حيث التشفي ومنفعة لسائر المكلفين من حيث يزجر سائر الناس عن القتل، ومنفعة للقاتل من حيث إنه متى علم أنه لا بد وأن يقتل صار ذلك داعياً له إلى الخير وترك الإصرار والتمرد.
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ٤٣﴾
قوله تعالى ﴿الحر بِالْحُرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى﴾
قال الفخر :
أما قوله تعالى :﴿الحر بِالْحُرّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى﴾ ففيه قولان :
القول الأول : إن هذه الآية تقتضي أن لا يكون القصاص مشروعاً إلا بين الحرين وبين العبدين وبين الأنثيين.