﴿ كَمَا يَئِسَ الكفار مِنْ أصحاب القبور ﴾ أي الذين هم أصحاب القبور أي الكفار الموتى على أن ﴿ مِنْ ﴾ بيانية، والمعنى أن يأس هؤلاء من الآخرة كيأس الكفار الذين ماتوا وسكنوا القبور وتبينوا حرمانهم من نعيمها المقيم، وقيل : كيأسهم من أن ينالهم خير من هؤلاء الأحياء، والمراد وصفهم بكمال اليأس من الآخرة، وكون ﴿ مِنْ ﴾ بيانية مروى عن مجاهد.
وابن جبير.
وابن زيد، وهو اختيار ابن عطية.
وجماعة، واختار أبو حيان كونها لابتداء الغاية، والمعنى أن هؤلاء القوم المغضوب عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئسوا من موتاهم أن يبعثوا ويلقوهم في دار الدنيا، وهو مروى عن ابن عباس.
والحسن.
وقتادة، فالمراد بالكفار أولئك القوم، ووضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلاً لكفرهم وإشعاراً بعلة يأسهم، وقرأ ابن أبي الزناد.
كما يئس الكافر بالإفراد على أرادة الجنس.
هذا ومن باب الإشارة في بعض الآيات : ما قيل : إن قوله تعالى :﴿ الحكيم يا أيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء ﴾ [ الممتحنة : ١ ] الخ إشارة للسالك إلى ترك موالاة النفس الامارة وإلقاء المودة إليها فإنها العدو الأكبر كما قيل : أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك، وهي لا تزال كارهة للحق ومعارضة لرسول العقل نافرة له ولا تنفك عن ذلك حتى تكون مطمئنة راضية مرضية، وإليه الإشارة بقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon