وفيه عن ابن عباس قال : شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله ﷺ قبل الخطبة فنزل نبيء الله فكأني أنظر إليه حين يجلِّس الرجال بيده ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال :﴿ يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن ﴾ حتى فرغ من الآية كلها.
ثم قال حين فرغ : أنتُنّ على ذلك فقالت امرأة منهنّ واحدة لم يجبه غيرها : نعم يا رسول الله.
قال :"فتصدقن".
وأجرى هذه المبايعة على الرجال أيضاً.
ففي "صحيح البخاري" عن عبادة بن الصامت قال :"كنا عند النبي ﷺ فقال : أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ولا تزنوا ولا تسرقوا، وقرأ آية النساء ( أي النازلة بخطاب النساء في سورة الممتحنة ) فمن وفَى منكم فأجره على الله.
ومن أصاب من ذلك شَيئاً فعوقب به فهو كفارة له.
ومن أصاب منها شيئاً فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
واستمر العمل بهذه المبايعة إلى يوم فتح مكة وقد أسلم أهلها رجالاً ونساء فجلس ثاني يوم الفتح على الصفا يأخذ البيعة من الرجال على ما في هذه الآية، وجلس عمر بن الخطاب يأخذ البيعة من النساء على ذلك، وممن بايعته من النساء يومئذٍ هند بنت عتبة زوج أبي سفيان وكبشة بنت رافع.
وجملة ﴿ يبايعنك ﴾ يجوز أن تكون حالاً من ﴿ المؤمنات ﴾ على معنى : يُردن المبايعة وهي المذكورة في هذه الآية.
وجواب ﴿ إذا ﴾ ﴿ فبايعهن ﴾.
ويجوز أن تكون جملة ﴿ يبايعنك ﴾ جواب ﴿ إذا ﴾.
ومعنى ﴿ إذا جاءك المؤمنات ﴾، أي الداخلات في جماعة المؤمنين على الجملة والإِجمال، لا يعلمن أصولَ الإِسلام وبيّنه بقوله :﴿ يبايعنك ﴾ فهو خبر مراد به الأمر، أي فليبايعنك وتكون جملة ﴿ فبايعهن ﴾ تفريعاً لجملة ﴿ يبايعنك ﴾ وليبنى عليها قوله :﴿ واستغفر لهن الله ﴾.
وقد شملت الآية التخلي عن خصال في الجاهلية وكانت السرقة فيهن أكثر منها في الرجال.


الصفحة التالية
Icon