وأما أنت - يا محمد - فإذا جاءك المؤمنات للبيعة، فبايعهن على السمع والطاعة، واشرط عليهن ألا يشركن بالله شيئا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يئدن أولادهم، كما كان يفعل أهل الجاهلية ولا يلحقن بأزواجهن لقيطا من غير أولادهم، ولا يعصينك في طاعة أو معروف، فإذا وافقن على هذه الشروط فبايعهن على ذلك، وعلى سائر أحكام الإسلام، واطلب لهن من الله الرحمة والمغفرة، إذا وفين بالبيعة، فإن الله غفور رحيم، مبالغ في المغفرة والرحمة لمن استقام وتاب وأناب.
سبب النزول
أولا : روي عن ابن عباس أنه قال : إن مشركي مكة صالحوا رسول الله ﷺ عام الحديبية، على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، ومن أتى أهل مكة من أصحابه فهو لهم، وكتبوا بذلك الكتاب وختموه، فجاءت ( سبيعة بنت الحارث الأسلمية ) بعد الفراغ من الكتاب، والنبي ﷺ بالحديبية، فأقبل زوجها - وكان كافرا - فقال يا محمد : أردد علي امرأتي، فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فنزلت هذه الآية الكريمة.
أقول : ذكر في هذه الرواية أنها ( سبيعة ) والمشهور عند المفسرين أنها ( أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ) كما نبه عليه القرطبي وابن الجوزي وغيرهما.
ثانيا : وروي أن ناسا من فقراء المسلمين، كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين، ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم وطعامهم فنزلت الآية ﴿ ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم... ﴾ الآية.
وجوه القراءات
أولا : قوله تعالى :﴿ إذا جآءكم المؤمنات مهاجرات ﴾ قرأ الجمهور ﴿ مهاجرات ﴾ بالنصب على الحال، وقرئ ﴿ مهاجرات ﴾ بالرفع على البدل من المؤمنات، فكأنه قيل : إذا جاءكم مهاجرات.