وعلى هذا الرأي تكون الآية موافقة للعهد، مقررة له، وهذا الذي تطمئن إليه النفس وترتاح، وما عداه من الأقوال فيحتاج إلى تمحيض وتدقيق، لأنها تنافي روح التشريع الإسلامي، من جهة أن الوفاء بالعهد واجب على المسلمين، ولا ينبغي لأحد الطرفين أن يستبد بتخصيص نصوصه إو إلغائها دون موافقة الطرف الثاني، فما ذهب إليه الضحاك هو الأولى.
يقول سيد قطب رحمه الله :" ويظهر أن النص لم يكن قاطعا في موضوع النساء، فنزلت هاتان الآيتان تمنعان رد المهاجرات المؤمنات إلى الكفار، خشية أن يفتن في دينهن وهن ضعاف، ونزلت أحكام هذه الحالة الدولية معها، تنظم التعامل فيها على أعدل قاعدة تتحرى العدل في ذاته، دون تأثر بسلوك الفريق الآخر، وما فيها على أعدل قاعدة تتحرى العدل في ذاته، دون تأثر بسلوك الفريق الآخر، وما فيها من شطط وجور، على طريقة الإسلام في كل معاملاته الداخلية والدولية ".
الحكم الثاني : ما هو حكم المشركة إذا خرجت إلينا مسلمة؟
دل قوله تعالى :﴿ لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ﴾ على أن المرأة إذا أسلمت وقعت الفرقة بينها وبين زوجها، فلا تحل له، ولا يحل لها.
وقد اختلف الفقهاء هل تحصل الفرقة بالإسلام، أم باختلاف الدارين؟ على مذهبين :
أ- مذهب أبي حنيفة : أن الفرقة تقع باختلاف الدارين.
ب- مذهب الجمهور ( الشافعية والمالكية والحنابلة ) : أن الفرقة تقع بالإسلام وذلك عند انتهاء عدتها، فإن أسلم الزوج قبل انتهاء عدتها فهي امرأته.
دليل الحنفية :
أ- قوله تعالى :﴿ فلا ترجعوهن إلى الكفار ﴾ فلو كانت الزوجية باقية لكان الزوج أولى بها بأن تكون معه حيث أراد.
ب- قوله تعالى :﴿ وآتوهم مآ أنفقوا ﴾ قالوا : ولو كانت الزوجية باقية لما استحق الزوج رد المهر، لأنه لا يجوز أن يستحق البضع وبدله.
ج - قوله تعالى :﴿ ولا جناح عليكم أن تنكحوهن ﴾ ولو كان النكاح الأول باقيا لما جاز لأحد أن يتزوج بها.


الصفحة التالية
Icon