فقالت : ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء، وما مست يد رسول الله ـ ﷺ ـ يد امرأة لا تحل له، وكانت أسماء بنت يزيد بن السكن في المبايعات فقالت : يا رسول الله ـ ﷺ ـ ابسط يدك نبايعك، فقال : إني لا أصافح النساء لكن آخذ عليهن "
وعن الشعبي " أنه ـ ﷺ ـ دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم غمسن أيديهن فيه، وعنه أنه ـ ﷺ ـ لقنهن في المبايعة " فيما استطعتن وأطقتن " فقالت : الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ".
ولما ذكر ما أمر به نبيه ـ ﷺ ـ في المبايعات بعد أن عد الذين آمنوا أصلاً في امتحان المهاجرات فعلم من ذلك أن تولي النساء مع أنه لا ضرر فيهن بقتال ونحوه لا يسوغ إلا بعد العلم بإيمانهن، وكان الختم بضفتي الغفران والرحمة مما جرأه على محاباة المؤمنين لبعض الكفار من أزواج أو غيرهم لقرابة أو غيرها لعلة يبديها الزوج أو غير لك من الأمور، كرر سبحانه الأمر بالبراءة من كل عدو، رداً لآخر السورة على أولها تأكيداً للإعراض عنهم وتنفيراً من توليهم كما أفهمته آية المبايعة وآية الامتحان، فقال ملذذاً لهم بالإقبال بالخطاب كما فعل أولها بلذيذ العتاب :﴿يا أيها الذين آمنوا ﴾.
ولما كان الميل عن الطريق الأقوام على خلاف ما تأمر به الفطرة الأولى فلا يكون إلا عن معالجتها، عبر بالتفعل كما عبر به أول السورة بالافتعال فقال :﴿لا تتولوا﴾ أي تعالجوا أنفسكم أن تتولوا ﴿قوماً﴾ أي ناساً لهم قوة على ما يحاولونه فغيرهم من باب الأولى ﴿غضب الله﴾ أي أوقع الملك الأعلى الغضب ﴿عليهم﴾ لإقبالهم على ما أحاط بهم من الخطايا فهو عام في كل من اتصف بذلك يتناول اليهود تناولاً أولياً.