وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ ﴾
لما ذكر أمر الجهاد بيّن أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد وجاهدا في سبيل الله ؛ وحلّ العقاب بمن خالفهما ؛ أي واذكر لقومك يا محمد هذه القصة.
قوله تعالى :﴿ ياقوم لِمَ تُؤْذُونَنِي ﴾ وذلك حين رَموْه بالأدْرَة ؛ حسب ما تقدّم في آخر سورة "الأحزاب".
ومن الأذى ما ذكر في قصة قارون : إنه دس إلى امرأة تَدّعي على موسى الفجور.
ومن الأذى قولهم :﴿ اجعل لَّنَآ إلها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ﴾ [ الأعراف : ١٣٨ ].
وقولهم :﴿ فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا ﴾ [ المائدة : ٢٤ ].
وقولهم : إنك قتلت هارون.
وقد تقدّم هذا.
﴿ وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ ﴾ والرسول يحترم ويعظَّم.
ودخلت "قد" على "تعلمون" للتأكيد ؛ كأنه قال : وتعلمون علماً يقيناً لا شبهة لكم فيه.
﴿ فَلَمَّا زاغوا ﴾ أي مالوا عن الحق ﴿ أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ ﴾ أي أمالها عن الهُدَى.
وقيل :﴿ فَلَمَّا زاغوا ﴾ عن الطاعة ﴿ أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ ﴾ عن الهداية.
وقيل :﴿ فَلَمَّا زاغوا ﴾ عن الإيمان ﴿ أَزَاغَ الله ﴾ عن الثواب.
وقيل : أي لما تركوا ما أمِرُوا به من احترام الرسول عليه السلام وطاعة الرب، خلق الله الضلالة في قلوبهم عقوبة لهم على فعلهم.
قوله تعالى :﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ ﴾
أي واذكر لهم هذه القصة أيضاً.
وقال :﴿ يا بني إِسْرَائِيلَ ﴾ ولم يقل "يا قوم" كما قال موسى ؛ لأنه لا نسب له فيهم فيكونون قومه ﴿ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُم ﴾ أي بالإنجيل.
﴿ مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التوراة ﴾ لأن في التوراة صفتي، وأني لم آتكم بشيء يخالف التوراة فتنفروا عني.
﴿ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ ﴾ مصدقاً.
"ومبشّراً" نصب على الحال ؛ والعامل فيها معنى الإرسال.
و"إليكم" صلة الرسول.


الصفحة التالية
Icon