ولما كان الجمع بين الروح وعديلها المال على وجه الرضى والرغبة أدل على صحة الإيمان، قال :﴿بأموالكم﴾ وقدمها لعزتها في ذلك الزمان ولأنها قوام الأنفس والأبدان، فمن بذل ماله كله لم يبخل بنفسه لأن المال قوامها.
ولما قدم القوام أتبعه القائم به فقال :﴿وأنفسكم﴾ ولما أمر بهذا في صيغة الخبر اهتماماً به وتأييداً لشأنه، أشار إلى عظمته بمدحه قبل ذكر جزائه، فقال :﴿ذلكم﴾ أي الأمر العظيم من الإيمان وتصديقه بالجهاد ﴿خير لكم﴾ أي خاصة مما تريدون من الذبذبة بمناصحة الكفار ﴿إن كنتم﴾ أي بالجبلات الصالحة ﴿تعلمون﴾ أي إن كان يمكن أن يتجدد لكم علم في وقت من الأوقات فأنتم تعلمون أن ذلك خير لكم، فإذا علمتم، أنه خير أقبلتم عليه فكان لكم به أمر عظيم، وإن كانت قلوبكم قد طمست طمساً لا رجاء لصلاحها فصلوا على أنفسكم صلاة الموت.
ولما كان معنى " تؤمنون " : فالأمر كما تقدم، لكنه حول عن ذلك لما ذكر، وكان أهم ما إلى الإنسان خوفه مما هدد عليه، أمن سبحانه من ذلك دالاً على أصل الفعل بجزم ما هو في موضع الجواب فقال :﴿يغفر لكم﴾ أي خاصة دون من لم يفعل ذلك ﴿ذنوبكم﴾ أي بمحو أعيانها وآثارها كلها.


الصفحة التالية
Icon