﴿ وَيُدْخلْكُمْ حنات تَجْري مِنْ تَحْتهَا الأنهار ومساكن طَيِّبَةً ﴾ أي طاهرة زكية مستلذة، وهذا إشارة إلى حسنها بذاتها، وقوله تعالى :﴿ في جنات عَدْن ﴾ إشارة إلى حسنها باعتبار محلها ﴿ ذلك ﴾ أي ما ذكر من المغفرة وما عطف عليها ﴿ الفَوْزُ العَظيمُ ﴾ الذي لا فوز وراءه.
﴿ وَأُخْرَى ﴾ أي ولكم إلى ما ذكر من النعم نعمة أخرى، فأخرى مبتدأ، وهي في الحقيقة صفة للمبتدأ المحذوف أقيمت مقامه بعد حذفه، والخبر محذوف قاله الفراء، وقوله تعالى :﴿ تُحبُّونَهَا ﴾ في موضع الصفة، وقوله سبحانه :﴿ نَصْرٌ مِّنَ الله وَفَتْحٌ قَريبٌ ﴾ أي عاجل بدل أو عطف بيان، وجملة المبتدأ وخبره قيل : حالية ؛ وفي "الكشف" وإنها عطف على جواب الأمر أعني ﴿ يغفر ﴾ [ الصف : ١٢ ] من حيث المعنى كما تقول : جاهدوا تؤجروا ولكم الغنيمة وفي ﴿ تحبونها ﴾ تعبير لهم وكذلك في إيثار الاسمية على الفعلية وعطفها عليهاكأن هذه عندهم أثبت وأمكن ونفوسهم إلى نيلها والفوز أسكن.
وقيل :﴿ أخرى ﴾ مبتدأ خبره ﴿ نصر ﴾ وقال قوم : هي في موضع نصب باضمار فعل أي ويعطكم أخرى، وجعل ذلك من باب
علفتها تبناً وماءاً بارداً...
ومنهم من قدر تحبون أخرى على أنه من باب الاشتغال، و﴿ نصر ﴾ على التقديرين خبر مبتدأ محذوف أي ذلك أو هو ﴿ نصر ﴾، أو مبتدأ خبره محذوف أي نصر وفتح قريب عنده، وقال الأخفش : هي في موضع جر بالعطف على ﴿ تجارة ﴾ [ الصف : ١٠ ] وهو كما ترى.
وقرأ ابن أبي عبلة نصراً وفتحاً قريباً بالنصب بأعني مقدراً، أو على المصدر أي تنصرون نصراً ويفتح لكم فتحاً، أو على البدلية من ﴿ أخرى ﴾ على تقدير نصبها ﴿ وَبَشِّر المُؤْمنينَ ﴾ عطف على قل مقدراً قبل قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا ﴾ [ الصف : ١٠ ]، وقيل : على أبشر مقدراً أيضاً، والتقدير فأبشر يا محمد وبشر.