"وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ" خاصة وطاعتي عليكم واجبة تعظيما لمن أرسلني وإن الأنبياء مبرّءون من العيوب ومعصومون بعصمة اللّه وهم بشر مثلكم لا قدرة لهم على إجابة ما تقترحونه عليهم إلّا بإذن اللّه "فَلَمَّا زاغُوا" عن الحق وأسروا على عنادهم "أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ" عن الهداية وخذلهم وحرمهم من نور الإيمان وأضلهم عن اتباعه وأعماهم عن سبيله فخرجوا عن السّبيل إلى السّبل فضلوا وأضلوا وخسروا، راجع الآية ١٥٢ من الأنعام في ج ٢ "وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ" (٥) الخارجين عن طاعته.
تنبه هذه الآية إلى أن أذى الرّسل يؤدي إلى الكفر ونزع نور الإيمان بحيث لا يبقى فيه قابلية للهداية "وَ" أذكر لقومك يا أكمل الرّسل أيضا "إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ" بدلالة الوصف الموجود لي في توراتكم وإخبار الأنبياء قبلى إني آتيكم رسولا من قبل اللّه وقد بعثت لكم "مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ" بالإنجيل الذي أنزله اللّه علي وخفف به بعض ما في التوراة من التشديد راجع الآية ٥٠ من آل عمران المارة تقف على هذا التخفيف "وَ" كما بشرت بي الأنبياء أممها، فقد جئت "مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" قال أبو موسى في حديث طويل سمعت النّجاشي يقول
أشهد أن محمدا رسول اللّه، وأنه الذي بشّر به عيسى، ولو لا ما أنا فيه من الملك وما تحملت من أمر النّاس لأتيته حتى أحمل نعليه - أخرجه أبو داود - راجع تفسير الآية ١٩٩ من آل عمران المارة تعرف النّجاشي وعقيدته وصلاة الرّسول عليه.


الصفحة التالية
Icon