أصحابه الّذين آمنوا به "مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ" على إعلاء كلمته وإظهار دينه وخلاص عباده مما يشينهم "قالَ الْحَوارِيُّونَ" ملبّين دعوته رغبة بما وعدهم اللّه على لسانه "نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ" جنوده المجيبون لأمره المؤدون لشعائره المعينون له على أعدائه، أي كونوا أنتم يا أمة محمد مثل هؤلاء الأبرار لتفوزوا بخير الدّنيا والآخرة، فجاهدوا بأموالكم وأنفسكم مع إمامكم مع سلطانكم مع أميركم، ولا تهنوا وقد كنتم الأعلون "فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ" بالسيد عيسى عليه السّلام وأجابت دعوته وجاهدت في سبيل اللّه فغنمت، إذ نشرت دعوته بعد رفعه بين النّاس، فآمن بهم خلق كثير فعلى المؤمنين من أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم أن يتعاونوا ويقوموا دائما ببث دعوته والسّعي على طريقته ليفوزوا ببغيتهم ويظفروا بأعدائهم، فتعلو كلمتهم فيحوزون خير الدّنيا والآخرة، ولا يكونون لا سمح اللّه مثل المعنيين بقوله جل قوله "وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ" به فلم تجب دعوته ولم تؤمن به ونصبت له العداء من أجل تكليفهم لهدى اللّه ونفعهم بآلائه فخسرت وخابت.
فكونوا يا أمة محمد من الطّائفة الأولى التي ملأت الأرض لتعلو كلمتهم ويرفع مجدكم فتدخلوا في قوله تعالى "فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ" وعدو ربهم "فَأَصْبَحُوا" أولئك المؤمنون "ظاهِرِينَ" (١٤) على الكافرين اللّهم أيد المؤمنين على الكافرين برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
هذا واللّه أعلم.
وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا، والحمد للّه رب العالمين. أ هـ ﴿بيان المعاني حـ ٦ صـ ٢٤٨ ـ ٢٥٣﴾


الصفحة التالية
Icon