الثالث : قال صاحب الكشاف :﴿لم﴾ هي لام الإضافة داخلة على ما الاستفهامية كما دخل عليها غيرها من حروف الجر في قولك : بم وفيم وعم ومم، وإنما حذفت الألف لأن ( ما ) والحرف كشيء واحد، وقد وقع استعمالها في كلام المستفهم، ولو كان كذلك لكان معنى الاستفهام واقعاً في قوله تعالى :﴿لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ﴾ والاستفهام من الله تعالى محال وهو عالم بجميع الأشياء، فنقول : هذا إذا كان المراد من الاستفهام طلب الفهم، أما إذا كان المراد إلزام من أعرض عن الوفاء ما وعد أو أنكر الحق وأصر على الباطل فلا.
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)
والمقت هو البغض، ومن استوجب مقت الله لزمه العذاب، قال صاحب الكشاف : المقت أشد البغض وأبلغه وأفحشه، وقال الزجاج :﴿أن﴾ في موضع رفع و :﴿مَقْتاً﴾ منصوب على التمييز، والمعنى : كبر قولكم ما لا تفعلون مقتاً عند الله، وهذا كقوله تعالى :﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً﴾ [ الكهف : ٥ ].
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (٤)