ثم حضّ سبحانه المؤمنين على نصرة دينه فقال :﴿ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ كُونُواْ أنصار الله ﴾ أي : دوموا على ما أنتم عليه من نصرة الدين.
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع :( أنصاراً لله ) بالتنوين، وترك الإضافة.
وقرأ الباقون بالإضافة، والرسم يحتمل القراءتين معاً، واختار أبو عبيدة قراءة الإضافة لقوله :﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ الله ﴾ بالإضافة ﴿ كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أنصارى إِلَى الله ﴾ أي : انصروا دين الله مثل نصرة الحواريين لما قال لهم عيسى :﴿ مَنْ أَنصَارِى إِلَى الله ﴾ فقالوا :﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ الله ﴾ والكاف في ﴿ كَمَا قَالَ ﴾ نعت مصدر محذوف تقديره : كونوا كوناً، كما قال، وقيل : الكاف في محل نصب على إضمار الفعل، وقيل : هو كلام محمول على معناه دون لفظه، والمعنى : كونوا أنصار الله، كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم من أنصاري إلى الله، وقوله :﴿ إِلَى الله ﴾ قيل : إلى بمعنى : مع، أي : من أنصاري مع الله، وقيل : التقدير : من أنصاري فيما يقرّب إلى الله، وقيل التقدير : من أنصاري متوجهاً إلى نصرة الله، وقد تقدّم الكلام على هذا في سورة آل عمران.
والحواريون هم أنصار المسيح وخلص أصحابه، وأوّل من آمن به، وقد تقدّم بيانهم ﴿ فآمنت طائفة من بني اسرائيل وكفرت طائفة ﴾ أي : آمنت طائفة بعيسى وكفرت به طائفة، وذلك لأنهم لما اختلفوا بعد رفعه تفرّقوا وتقاتلوا ﴿ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم ﴾ أي : قوينا المحقين منهم على المبطلين ﴿ فَأَصْبَحُواْ ظاهرين ﴾ أي : عالين غالبين، وقيل المعنى : فأيدنا الآن المسلمين على الفرقتين جميعاً.