والتشبيه بدعوة عيسى ابن مريم للحواريين وجواب الحواريين تشبيهُ تمثيل، أي كونوا عند ما يدعوكم محمد ﷺ إلى نصر الله كحالة قول عيسى ابن مريم للحواريين واستجابتهم له.
والتشبيه لقصد التنظير والتأسّي فقد صدق الحواريون وعدهم وثبتوا على الدّين ولم تزعزعهم الفتن والتعذيب.
و( ما ) مصدرية، أي كقول عيسى وقول الحواريين.
وفيه حذف مضاف تقديره : لكوننِ قوللِ عيسى وقول الحواريين.
فالتشبيه بمجموع الأمرين قول عيسى وجواب الحواريين لأن جواب الحواريين بمنزلة الكلام المفرع على دعوة عيسى وإنما تحذف الفاء في مثله من المقاولات والمحاورات للاختصار، كما تقدم في قوله تعالى :﴿ قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ﴾ في سورة [ البقرة : ٣٠ ].
وقول عيسى من أنصاري إلى الله } استفهام لاختبار انتدَابهم إلى نصر دين الله معه نظير قول طرفة:
إن القوم قالوا مَن فتىً خلت إنني...
عُنيت فلم أكسَل ولم أتبلد
وإضافة ﴿ أنصار ﴾ إلى ياء المتكلم وهو عيسى باعتبارهم أنصارَ دعوته.
و﴿ إلى الله ﴾ متعلق بـ ﴿ أنصاري ﴾.
ومعنى ﴿ إلى ﴾ الانتهاء المجازي، أي متوجهين إلى الله، شبه دعاؤهم إلى الدين وتعليمهم الناس ما يرضاه الله لهم بسعي ساعين إلى الله لينصروه كما يسعى المستنجَد بهم إلى مكان مستنجِدهم لينصروه على من غلبه.
ففي حرف ﴿ إلى ﴾ استعارة تبعية، ولذلك كان الجواب المحكي عن الحواريين مطابقاً للاستفهام إذ قالوا : نحن أنصار الله، أي نحن ننصر الله على من حادّه وشاقَّه، أي ننصر دينه.
و﴿ الحواريون : جمع حواري بفتح الحاء وتخفيف الواو وهي كلمة معربَة عن الحبشية ( حَواريا ) وهو الصاحب الصفي، وليست عربية الأصل ولا مشتقة من مادة عربية، وقد عدها الضحاك في جملة الألفاظ المعرّبة لكنه قال : إنها نبطية.
ومعنى الحواري : الغسّال، كذا في الإِتقان ﴾
.


الصفحة التالية
Icon