فصل
قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿يا أَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ كُونُواْ أَنصَارَ الله كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ مَنْ أَنَّصَارِي إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أنصار الله ﴾.
قوله :﴿كُونُواْ أَنصَارَ الله﴾ أمر بإدامة النصرة والثبات عليه، أي ودوموا على ما أنتم عليه من النصرة، ويدل عليه قراءة ابن مسعود : كونوا أنتم أنصار الله فأخبر عنهم بذلك، أي أنصار دين الله وقوله :﴿كَمَا قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيّينَ﴾ أي انصروا دين الله مثل نصرة الحواريين لما قال لهم :﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله﴾ قال مقاتل، يعني من يمنعني من الله، وقال عطاء : من ينصر دين الله، ومنهم من قال : أمر الله المؤمنين أن ينصروا محمداً ﷺ كما نصر الحواريون عيسى عليه السلام، وفيه إشارة إلى أن النصر بالجهاد لا يكون مخصوصاً بهذه الأمة، والحواريون أصفياؤه، وأول من آمن به، وكانوا اثني عشر رجلاً، وحواري الرجل صفيه وخلصاؤه من الحور، وهو البياض الخالص، وقيل : كانوا قصارين يحورون الثياب، أي يبيضونها، وأما الأنصار فعن قتادة : أن الأنصار كلهم من قريش : أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحمزة، وجعفر، وأبو عبيدة ابن الجراح، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، ثم في الآية مباحث :
البحث الأول : التشبيه محمول على المعنى والمراد كونوا كما كان الحواريون.
الثاني : ما معنى قوله :﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله﴾ ؟ نقول : يجب أن يكون معناه مطابقاً لجواب الحواريين والذي يطابقه أن يكون المعنى : من عسكري متوجهاً إلى نصرة الله، وإضافة ﴿أَنصَارِي﴾ خلاف إضافة ﴿أَنْصَارُ الله﴾ لما أن المعنى في الأول : الذين ينصرون الله، وفي الثاني : الذين يختصون بي ويكونون معي في نصرة الله.