وقال أهل المعاني : هذا المثل مثل من يفهم معاني القرآن ولم يعمل به، وأعرض عنه إعراض من لا يحتاج إليه، ولهذا قال ميمون بن مهران : يا أهل القرآن اتبعوا القرآن قبل أن يتبعكم (١) ثم تلا هذه الآية، وقوله تعالى :﴿لَمْ يَحْمِلُوهَا﴾ أي لم يؤدوا حقها ولم يحملوها حق حملها على ما بيناه، فشبههم والتوراة في أيديهم وهم لا يعملون بها بحمار يحمل كتباً، وليس له من ذلك إلا ثقل الحمل من غير انتفاع مما يحمله، كذلك اليهود ليس لهم من كتابهم إلا وبال الحجة عليهم، ثم ذم المثل، والمراد منه ذمهم فقال :﴿بِئْسَ مَثَلُ القوم الذين كَذَّبُواْ بآيات الله﴾ أي بئس القوم مثلاً الذين كذبوا، كما قال :﴿سَاء مَثَلاً القوم﴾ [ الأعراف : ١٧٧ ] وموضع الذين رفع، ويجوز أن يكون جراً، وبالجملة لما بلغ كذبهم مبلغاً وهو أنهم كذبوا على الله تعالى كان في غاية الشر والفساد، فلهذا قال :﴿بِئْسَ مَثَلُ القوم﴾ والمراد بالآيات ههنا الآيات الدالة على صحة نبوة محمد ﷺ، وهو قول ابن عباس ومقاتل، وقيل : الآيات التوراة لأنهم كذبوا بها حين تركوا الإيمان بمحمد ﷺ، وهذا أشبه هنا ﴿والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين﴾ قال عطاء : يريد الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب الأنبياء