وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) ﴾
تقدم القول في لفظ الآية الأولى، واختلفت القراءة في إعراب الصفات في آخرها.
فقرأ جمهور الناس :" الملكِ " بالخفض نعتاً ﴿ لله ﴾، وكذلك ما بعده، وقرأ أبو وائل شقيق بن سلمة وأبو الدينار :" الملكُ " بالرفع على القطع، وفتح أبو الدينار القاف من " القَدوس "، و﴿ الأميين ﴾ : يراد بهم العرب، والأمي في اللغة الذي لا يكتب ولا يقرأ كتاباً، قيل هو منسوب إلى الأم، أي هو على الخلقة الأولى في بطن أمه، وقيل هو منسوب إلى الأمة، أي على سليقة البشر دون تعلم، وقيل منسوب إلى أم القرى وهي مكة وهذا ضعيف، لأن الوصف ب ﴿ الأميين ﴾ على هذا يقف على قريش، وإنما المراد جميع العرب، وفيهم قال النبي ﷺ :" إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب الشهر هكذا وهكذا ".
وهذه الآية تعديد نعمة الله عندهم فيما أولاهم، والآية المتلوة : القرآن ﴿ يزكيهم ﴾ معناه : يطهرهم من الشرك وينمي الخير فيهم، و﴿ الكتاب ﴾ : الوحي المتلو، ﴿ والحكمة ﴾ : السنة التي هي لسانه عليه السلام، ثم أظهر تعالى تأكيد النعمة بذكر حالهم التي كانت في الضد من الهداية، وذلك في قوله تعالى :﴿ وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ﴾، ﴿ وآخرين ﴾ في موضع خفض عطفاً على ﴿ الأميين ﴾ وفي موضع نصب عطفاً على الضمائر المتقدمة.